للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومقياسًا لأصنامهم في بيان إبطال ما ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من كون معبودات الأمم دون الله {حَصَبُ جَهَنَّمَ ...} الآية، حين قرأه على قريش فامتعضوا من ذلك امتعاضًا شديدًا؛ أي: غضبوا وشق عليهم ذلك، فقال ابن الزبعرى بطريق الجدال: هذا لنا ولآلهتنا خاصة، أم لجميع الأمم"؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم، فقال: خصمتك ورب الكعبة، أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود عزيرًا، وبنو مليح الملائكة، فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون وآلهتنا معهم، ففرح به قومه، وضحكوا، وارتفعت أصواتهم، وذلك قوله تعالى: {إِذَا} فجائية {قَوْمُكَ} قريش يا محمد {مِنْهُ}؛ أي: من ذلك المثل الذي ضربه ابن الزبعري؛ أي: لأجله وبسببه {يَصِدُّونَ}؛ أي: يضجون ويصيحون ويرفعون أصواتهم بالضحك، فرحًا بذلك المثل المضروب، ظنا منهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صار ملزمًا به، مغلوبًا محجوجًا عليه، وقرأ أبو جعفر (١) والأعرج والنخعي وأبو رجاء وابن وثاب وعامر ونافع والكسائي {يصدون} بضم الصاد؛ أي: يعرضون عن الحق من أجل ضرب المثل. وقرأ ابن عباس وابن جبير والحسن وعكرمة وباقي السبعة بكسرها؛ أي: يصيحون ويضحكون فرحًا بضرب المثل.

قال الكسائي والفراء والزجاج والأخفش (٢): هما لغتان، مثل: عكف يعكف، ويعكف بالكسر والضم، ومعناهما يضجون. قال الجوهري: صد يصد صديدًا؛ أي: ضج؛ وقيل: إنه بالضم الإعراض، وبالكسر الضجيج قاله قطرب قال أبو عبيد: لو كانت من الصدود عن الحق لقال: إذا قومك منه يصدون، وقال الفراء: هما سواء منه وعنه. وقال أبو عبيدة: من ضم فمعناه: يعدلون، ومن كسر فمعناه: يضجون.

٥٨ - {وَقَالُوا}؛ أي: قال قومك قريش {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ} عندك من عيسى، فإن آلهتهم خير عندهم من عيسى {أَمْ هُوَ}؛ أي: أم عيسى خير من آلهتنا، وظاهر


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.