للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لتبيين أحدهما من الآخر وتصويره، وقيل هو على قول سائر المفسرين تشبيه شيء بشيء آخر. اهـ. "خازن". وهذا المعنى هو المراد هنا.

والمعنى: ألم تعلم يا محمد كيف جعل الله سبحانه وتعالى وصير كلمة طيبة مثلًا؛ أي: شبها لشيء آخر، وهي؛ أي: الكلمة الطيبة {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} في الإثمار وهي النخلة. وقرىء شاذًا: {كلمةٌ طيبةٌ} بالرفع قال أبو البقاء على الابتداء و {كَشَجَرَةٍ} خبره. انتهى، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير: هو؛ أي: المثل كلمة طيبة، وكشجرةٍ نعت لكلمة ذكره في "البحر". وجملة قوله: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} مع ما عطف عليها صفة لـ {شَجَرَةٍ}؛ أي: أسفلها ذاهب بعروقه في الأرض متمكن فيها. {وَفَرْعُهَا}؛ أي: أعلاها ورأسها طالع ثابت {فِي السَّمَاءِ}؛ أي: في الهواء

٢٥ - {تُؤْتِي أُكُلَهَا}؛ أي: تعطي هذه الشجرة ثمرها {كُلَّ حِينٍ}؛ أي: كل وقت (١) وقته الله تعالى لإثمارها، وهي السنة الكاملة؛ لأن النخلة تثمر في كل سنة مرة، ومدة إطلاعها إلى وقت صرامها ستة أشهر.

وقيل المعنى (٢): تؤتي أكلها كل وقت وكل ساعة ليلًا أو نهارًا شتاء أو صيفًا، فيؤكل منها الجمار والطلع والبلح والخلال والبسر والنصف والرطب، وبعد ذلك يؤكل التمر اليابس إلى حين الطري الرطب، فأكلها دائم كل وقت {بِإذنِ رَبِّهَا}؛ أي: بإرادة خالقها وتيسيره وتكوينه، فكذلك كلمة التوحيد ثابتة في قلب المؤمن بالبرهان، وعمل المؤمن المخلص يرفع إلى السماء وفي كل وقت وحين يعمل خيرًا بأمر ربه.

وحكمة تمثيل كلمة التوحيد بالشجرة أن الشجرة تكون ثلاثة أشياء: عرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال، كذلك التوحيد يكون ثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.

والحاصل: أن الله سبحانه وتعالى شبه (٣) الكلمة الطيبة: وهي الإيمان


(١) روح البيان.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.