عبادات الملائكة كلّها؛ لأنّ منهم من هو قائم، ومنهم من هو راكع، ومنهم من هو ساجد، وحامد، ومسبّح، ومكبّر، إلى غير ذلك. فأعطى الله سبحانه أجور عبادات أهل السموات لأمّته إذا أقاموا بالصلوات الخمس، هكذا قالوا، والله أعلم.
والحكمة في كونها خمس صلوات: أنها كانت متفرّقة في الأمم السالفة، فجمعها سبحانه لنبيّه وأمّته؛ لأنّه صلّى الله عليه وسلّم مجمع الفضائل كلّها دنيا وأخرى، وأمته من بين الأمم كذلك، فقد قيل: أوّل من صلّى الفجر آدم، والظهر إبراهيم، والعصر يونس، والمغرب عيسى، والعشاء موسى. فهذا سرّ القرار على خمس صلوات.
وقيل: صلّى آدم الصلوات الخمس كلّها، ثمّ تفرقت بعده بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأوّل من صلّى الوتر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج، ولذلك قال:
«زادني ربّي صلاة»؛ أي: الوتر على الخمس، أو صلاة الليل، فافهم.
قيل (١): وأول من بادر إلى السجود جبريل - عليه السلام - ولذلك كان رفيق الأنبياء وخادمهم، وأوّل من قال: سبحان الله جبريل، والحمد لله آدم، ولا إله إلّا الله نوح، والله أكبر إبراهيم، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ذكر ذلك كلّه في «كشف الكنوز وحلّ الرموز»، وهكذا قالوا ولكن لا أصل له.
٤ - وقوله:{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} معطوف على الموصول الأول، وهو نوع آخر للمتقين، فإنها أنزلت فيمن كان آمن بعيسى وأدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم: كعبد الله بن سلام، وعمّار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والنجاشي وغيرهم. وأما النوع الأول: فهم الذين آمنوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مشركي العرب؛ لأنّهم لم يرسل إليهم غيره صلّى الله عليه وسلّم.
فنزلت الآية الأولى إلى قوله:{وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} فيهم. روى ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ المراد بالمؤمنين هنا: من آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وبالقرآن من أهل الكتاب، وبالمؤمنين فيما قبلها من آمنوا من مشركي العرب.