للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخرج (١) ابن مردويه عن عمر قال: نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام غزوة تبوك بالحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من مياه الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، وعجنوا منها، ونصبوا القدور باللحم، فأمرهم بإهراق القدور، وعلف العجين للإبل، ثم ارتحل عن البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا، وقال: "إني أخشى عليكم أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، فلا تدخلوا عليهم".

٨٥ - {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}؛ أي: وما بين جنس السموات والأرضين، ولو أراد بين أجزاء المذكور .. لقال بينهن، وفيه إشارة إلى أن أصل السموات واحدة عند بعضهم، ثم قست كذا في "الكواشي". {إِلَّا بِالْحَقِّ} أي: إلا (٢) خلقًا متلبسًا بالحق والحكمة لا باطلًا وعبثًا، أو للحق والحكمة، والباء توضع موضع اللام، يعني لينظر عبادي إليهما فيعتبروا، والمراد بالحق ما فيهما من الفوائد والمصالح، وقيل المراد بالحق مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، كما في قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} وقيل المراد بالحق الزوال؛ لأنها مخلوقة وكل مخلوق زائلٌ، {وَإِنَّ السَّاعَةَ} أي (٣): القيامة لتوقعها كل ساعة كما في "المدارك" وقال ابن مالك: هي اسم لوقت تقوم فيه القيامة، سمي بها لأنها ساعة خفية يحدث فيها أمرٌ عظيم، وقال ابن الشيخ سميت الساعة ساعةً لسعيها إلى جانب الوقوع، ومسافتها الأنفاس.

{لَآتِيَةٌ} أي: لكائنة لا محالة، فينتقم الله سبحانه لك يا محمد فيها من أعدائك، وهم المكذبون، ويجازيك على حسناتك ويجازيهم على سيئاتهم، فإنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا ليجازي كل محسن بإحسانه، وكل مسيء بإساءته، وفيه وعيد للعصاة وتهديد لهم.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.