للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بكسر {إِن} على الاستئناف، أو على التعليل وقرأ الأعرج، وعمرو بن فائد: بفتحها على أنها معمولةٌ لآمن بتقدير الباء؛ أي: آمن بأنَّ وعد الله بالبعث حقٌّ.

والمعنى: أي والذي قال لوالديه لأجل أن دعواه إلى الإيمان والإقرار ببعث الله خلقه من قبورهم، ومجازاته إياهم بأعمالهم: أفٍّ لكما؛ أي: قبحًا لكما، إنّي لضجر منكما، أتقولان: إني أبعث من قبري حيًّا بعد موتي وفنائي، وما لحق بي من بلى، وتفتت عظام، إنَّ هذا لعجب عاجب، فها أولئك قرون قد مضت، وأمم قد خلت من قبلي، كعاد وثمود، ولم يبعث منهم أحدٌ، ولو كنت مبعوثًا بعد وفاتي كما تقولان .. لبعث من قبلي من القرون الغابرة، ووالداه يستصرخان الله عليه، ويستغيثانه أن يوفقه إلى الإيمان بالبعث، ويقولان له حثًّا وتحريضًا: هلاكًا لك، صدق بوعد الله، وأنك مبعوث بعد وفاتك، إنّ وعد الله في وعده خلقه أنه باعثهم من قبورهم ومخرجهم منها إلى موقف الحساب لمجازاتهم حق لا شك فيه.

والخلاصة (٢): أنهما يستعظمان قوله، ويلجآن إلى الله في دفعه، ويدعوان عليه بالويل والثبور ليستحثاه على ترك ما هو فيه، ويشعراه بأن ما يرتكبه جدير بأن يهلك فاعله.

ثم ذكر ردَّه عليهما مع الاستهزاء بهما، والتعجيب من حالهما. بقوله: {فَيَقُولُ} إلخ؛ أي: فيقول ذلك الولد مجيبًا لوالديه، رادًّا عليهما نصحهما، مكذِّبًا بوعد الله: ما هذا الذي تقولان لي، وتدعواني إليه إلا ما سطره الأولون من الأباطيل، فأصبتماه أنتما وصدَّقتما به، ولا ظل له من الحقيقة.

١٨ - ثم ذكر سبحانه جزاء هؤلاء على ما قالوا واعتقدوا، فقال: {أُولَئِكَ} القائلون هذه المقالات الباطلة هم {الَّذِينَ حَقَّ} ووجب {عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}؛ أي: العذاب بقوله سبحانه لإبليس: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} كما يفيده


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.