للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وضم الراء مبنيًا للفاعل.

والمعنى: أتعدانني وتخبرانني أن أبعث بعد الموت، وأخرج من القبر {و} الحال أنه {قَدْ خَلَتِ} ومضت {الْقُرُونُ}؛ أي: أمة بعد أمة {مِنْ قَبْلِي} فماتوا ولم يبعث منهم أحد ولم يرجع. فالجملة: في محل النصب على الحال من مفعول {أَتَعِدَانِنِي}، وكذا جملة قوله: {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ}: في محل النصب على الحال من قوله: {لِوَالِدَيْه}؛ أي: قال لهما ذلك، والحال: أنهما يستغيثان الله سبحانه له، ويسألانه، ويطلبان منه أن يغيثه، ويوفقه للإيمان، واستغاث يتعدَّى بنفسه، وبالباء، يقال: استغاث الله، واستغاث به. وقال الرازي: معناه: يستغيثان الله من كفره، فلما حذف الجار .. وصل الفعل؛ أي: يقولان: الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله؛ أي: يستغيثان الله حال كونهما قائلين له: {وَيْلَكَ}؛ أي: هلكت هلاكك، وهو في الأصل: دعاء عليه بالهلاك أريد به الحث والتحريض على الإيمان، لا حقيقة الهلاك. وانتصابه: إما على المصدر (١) بفعل ملاقٍ له في المعنى دون اللفظ؛ أي: هلكت هلاكك، وهو من المصادر التي لم تستعمل أفعالها كالويح والويس والويب، وإمَّا على المفعول به؛ أي: ألزمك الله ويلك. وعلى كلا التقديرين، فالجملة معمولة لقول مقدر؛ أي: يقولان: {وَيْلَكَ آمِنْ}. والقول المقدر: في محل النصب على الحال من فاعل {يَسْتَغِيثَانِ}، كما مرت الإشارة إليه {آمِنْ}؛ أي: صدِّق بالبعث، والإخراج من الأرض، وهو فعل أمر من الإيمان، وهو من جملة مقولهما {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بالبعث؛ أي: إنّ موعوده وهو البعث {حَقٌّ}؛ أي: كائن واقع لا محالة؛ لأنَّ الخلف في الوعد نقص يجب تنزيه الله منه، وأضاف الوعد إليه تعالى في قوله: {وَعْدَ اللَّهِ} تحقيقًا للحق، وتنبيهًا على خطأه في إسناده الوعد إليهما. في قوله: {أَتَعِدَانِنِي} {فَيَقُولُ} مكذبًا لهما: {مَا هَذَا} الذي تسميانه وعد الله {إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}؛ أي: إلا أكاذيب الأقدمين، وأباطيلهم التي يسطرونها في الكتب من غير أن يكون لها حقيقة، كأحاديث رستم، وبهرام، واستنديار.


(١) الفتوحات.