للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"إنسان العيون": والخلق يشمل الإنس والجن، والملك والحيوانات والنبات والحجر.

٢٩ - {وَيَقُولُونَ}؛ أي: المشركون من فرط جهلهم، وغاية غيهم، وشدة تعنتهم وعنادهم مخاطبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين به بطريق الاستهزاء: {مَتَى} يكون {هَذَا الْوَعْدُ} المبشر به والمنذر عنه، يعنون: الجنة والنار. {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في دعوى الوقوع والوجود .. فأخبرونا عن وقت وقوعه، ونحو الآية: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ}،

٣٠ - ثم أمر سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبهم عن سؤالهم فقال: {قُلْ} لهم يا محمد {لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ} مبتدأ وخبر؛ أي: وعد يوم، وهو يوم البحث مصدر ميمي، وجملة: {لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ}؛ أي: عن ذلك الميعاد المضروب لكم عند مفاجأته صفة لـ {الميعاد} إن طلبتم التأخير، {سَاعَةً}؛ أي: مقدار أقل قليل من الزمان.

{وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ} عليه ساعة إن طلبتم الاستعجال، وفي هذا الجواب من المبالغة في التهديد ما لا يخفى؛ حيث جعل الاستئخار في الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلًا؛ أي لا يمكنكم التأخر عنه بالاستمهال، ولا التقدم إليه بالاستعجال.

فإن قلت (١): كيف انطبق هذا جوابًا لسؤالهم، مع أنهم سألوا عن تعيين وقت الوعد؛ لأن: متى، سؤال عن الوقت المعين، ولا تعرض في الجواب لتعيين الوقت؟

قلت: وجه انطباق هذا الجواب على سؤالهم: أن سؤالهم، وإن كان على صورة استعلام الوقت إلا أن مرادهم الإنكار والتعنت، والجواب المطابق لمثل هذا السؤال أن يجاب بطريق التهديد على تعنتهم وإنكارهم، وأنهم مرصدون ليوم يفاجئهم، فلا يستطيعون تأخر عنه ولا تقدمًا عليه اهـ "زاده" بزيادة.

ومعنى الآية: أي قل لهم أيها الرسول (٢): إن لكم ميعاد يوم هو آتيكم لا محالة، لا تستأخرون عنه ساعة إذا جاء، فتنظروا للتوبة والإنابة، ولا تستقدمون قبله للعذاب؛ لأن الله جعل لكم أجلًا لا تعدونه.


(١) الفتوحات بتصرف.
(٢) المراغي.