للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ربهم؛ لأنهم في عالم المادة، وهو منزه عنها, ولكن من رق حجابه وخلصت نفسه، وأصبح في مقدوره أن يتصل بالملأ الأعلى .. يستطيع أن يكلم ربه على أحد أوجه ثلاثة:

١ - أن يحس بمعان تلقى في قلبه، أو يرى رؤيًا منامية، كرؤيا الخليل إبراهيم عليه السلام ذبح ولده.

٢ - أن يسمع كلامًا من وراء حجاب، كما سمع موسى عليه السلام، من غير أن يبصر من يكلمه، فهو قد سمع كلامًا، ولم ير المتكلم.

٣ - أن يرسل إليه ملكًا، فيوحي ذلك الملك ما يشاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ذكر أنه كما أوحى إلى الأنبياء قبله، أوحى إليه القرآن، وما كان قبله يعلم ما القرآن، وما الشرائع التي بها هداية البشر، وصلاحهم في الدارين.

التفسير وأوجه القراءة

٤٠ - وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ}؛ أي: جناية {سَيِّئَةٌ}؛ أي: جناية {مِثْلُهَا}؛ أي: مماثلة للأولى في الكم والكيف، بيان لوجه كون الانتصار من الخصال الحميدة، مع كونه في نفسه إساءة إلى الغير، بالإشارة إلى أن البادىء هو الذي فعله لنفسه، فإن الأفعال مستتبعة لأجزيتها حتمًا، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشرِّ، وفيه تنبيه على حرمة التعدي.

والمعنى: أي وجزاء سيئة المسيء، عقوبته بما شرعه الله من عقوبة مماثلة لجرمه. وإطلاق (١) السيئة على الثانية، مع أنها جزاء مشروع مأذون فيه، وكل مأذون حسن لا سيء, لأنها تسوء من نزلت به، كما في آية أخرى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}، يريد ما يسؤهم من المصائب والبلايا، أو للمشاكلة، لتشابههما في الصورة. كما في قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} وعلى هذا فالسيئة مقابل الحسنة، بخلافها في الوجه الأول.


(١) روح البيان.