والخلاصة: أنه يجب، إذا قوبلت الإساءة أن تقابل بمثلها من غير زيادة، قال الحسن: إذا قال: لعنك الله، أو أخزاك الله، ذلك أن تقول: أخزاك الله، أو لعنك الله، وإذا شتمك فلك أن تشتمه بما شتم ما لم يكن فيه حد، كلفظ الزنا، أو كلمة لا تصلح، فلا تجري المقابلة في الكذب والبهتان، قال في "التنوير": لو قال لآخر: يا زاني، فقال له الآخر: لا بل أنت الزاني، حدا بخلاف ما لو قال له: مثلًا يا خبيث، فقال: أنت، تكافئا, ولو لم يجب، بل رفع الأمر إلى القاضي ليؤدبه جاز، وظاهر الآية العموم. وقال مقاتل والشافعي وأبو حنيفة وسفيان: إن هذا خاص بالمجروح، ينتقم من الجارح بالقصاص دون غيره.
وفي الآية حث على العفو؛ لأن الانتصار إنما يحمد إذا حصلت المماثلة في الجزاء، وتقديرها عسر سياق، وربما صار المظلوم حين استيفاء القصاص ظالمًا.
وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - برد الشتم على الشاتم، أخرج النسائي وابن ماجه وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي زينب وعندي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبلت علي تسبني، فردعها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم تنته، فقال لي:"سبيها"، فسببتها حتى جف ريقها في فمها، ووجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهلل سرورًا. وكان هذا بمنزلة التعزيز منه لزينب، بلسان عائشة، لما أن لها حقًا في الرد، وقد رأى فيه المصلحة.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المستبان ما قالا من شيء فعلى البادىء حتى يعتدي المظلوم"، ثم قرأ:" {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ".
وقصارى ذلك (١): أن كل جناية على النفس، أو المال، تقابل بمثلها