للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخاطبهم معه فيما سبق افتنانًا في الكلام. وقرأ عبد الله: {ارجعوا}. وقيل: إن الضمير يرجع إلى الهدهد.

{إِلَيْهِمْ}؛ أي: إلى بلقيس وقومها بهديتهم؛ ليعلموا أن أهل الدين لا ينخدعون بحطام الدنيا، وإنما يريدون الإِسلام فليأتوا مسلمين مؤمنين، وإلا {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ}؛ أي: بجموع من الجن والإنس والتاييد الإلهي {لَا قِبَلَ لَهُمْ}؛ أي: لا طاقة لهم {بِهَا}؛ أي: بمقاومتها، ولا قدرة لهم على مقابلتها. وقرأ ابن مسعود: {بهم} بضمير جمع المذكور، واللام في {لَنَأْتِيَنَّهُمْ} موطئة للقسم المحذوف. وقوله: {وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ} معطوف على جواب القسم؛ أي: فوالله لنأتين بلقيس وقومها في أرضهم سبأ بجنود لا قبل له بها، ولنخرجنهم {مِنْهَا}؛ أي: من سبأ وأرضهم التي هم فيها حالة كونهم {أَذِلَّةً} بذهاب ما كانوا فيه من العز؛ أي: ذليلين بذهاب ملكهم وعزهم. بعدما كانوا أعزة أهلها، وجملة قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ}؛ أي: أسارى مهانون بوقوعهم في أسر واستعباد بأغلال أيمانهم إلى أعناقهم، حال أخرى مفيدة لكون إخراجهم بطريق الإجلاء. وقيل (١): هي حال مؤكدة؛ لأن الصَّغار هو الذلة. وقيل: إن المراد بالصغار هنا الأسر والاستعباد. وقيل: إن الصغار الإهانة التي تسبب عنها الذلة.

٣٨ - ولما رجع رسل بلقيس إليها، وأخبروها بخبر سليمان .. قالت: والله قد علمت أنه ليس بملك، ولا لنا به من طاقة، وبعثت إلى سليمان أني قادمة إليك بملوك قومي حتى انظر ما أمرك، وما تدعو إليه من دينك، وتجهزت للمسير إلى سليمان. وقيل: أخبر جبريل سليمان بذلك، فقال سليمان: يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها ... إلخ.

وروي عن ابن عباس (٢) - رضي الله عنهما - أنه قال: لما رجعت رسل بلقيس إليها من عند سليمان، وأخبروها الخبر .. قالت: قد عرفت والله ما هذا بملك، ولا لنا به من طاقة، وبعثت إلى سليمان أني قادمة إليك بملوك قومي حتى


(١) الشوكاني.
(٢) المراح.