فقال:{إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}؛ أي: المتجاوزين الحد في الانتقام، وفي هذا تصريح، بما تضمنه سالف الكلام، من حسن رعاية طريق المماثلة، وأنها قلما تخلو عن الاعتداد والتجاوز عن الواجب، ولا سيما حال الحرد والتهاب الحمية، وحينئذٍ، يدخل المنتقمون في زمرة من لا يحبهم الله سبحانه وتعالى.
وفي "الروح": قوله: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}؛ أي: البادئين بالسيئة، والمتعدين في الانتقام، وهو استئناف تعليل، متعلق بقوله:{وَجَزَاءُ} إلخ. وقوله:{فَمَنْ عَفَا} إلخ، اعتراض يعني: إنما شرعت المجازاة وشرطت المساواة؛ لأنه لا يحب الظالمين.
٤١ - واللام في قوله:{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}: لام (١) الابتداء، وجعلها الحوفي وابن عطية للقسم، وليس بجيد إذا جعلنا {مَنِ} شرطية، و {مَنِ} شرطية لدخول الفاء في جوابها، وهو قوله:(فأولئك)، أو موصولة، ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط، وقوله: بعد ظلمه من إضافة المصدر إلى المفعول، أي: بعد ما ظلم. وقرىء به، وتذكير الضميرين باعتبار لفظ {مَنْ}.
والمعنى: ولمن انتقم، واقتص بعد ظلم الظالم إياه، يعني: في الحقوق المالية {فَأُولَئِكَ} المنتصرون. فهو إشارة إلى {مَنْ} والجمع باعتبار المعنى. {مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} للمعاقب ولا للمعاتب والمعايب. والسبيل: الطريق الذي فيه سهولة، والآية دفع لما تضمنه السياق، من إشعار المسند باب الانتصار.
والمعنى: ولمن انتصر ممن ظلمه بعد ظلمه إياه، فأولئك المنتصرون، لا سبيل للمنتصر منهم أن يوجهوا إليهم عقوبة ولا أذى, لأنهم انتصروا منهم بحق، ومن أخذ حقه ممن وجب له عليه، ولم يتعد ولم يظلم، فلا سبيل لأحد عليه بالمعاتبة، أو المعاقبة.
٤٢ - ولما نفى سبحانه وتعالى السبيل على من انتصر بعد ظلمه .. بين من عليه