للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مثل قراءة نافع، وقال الداني: قراءة الأعرج ضد قراءة نافع.

٥٥ - ثم بين سبحانه وتعالى أنه فصل الحقائق للمؤمنين؛ ليبتعدوا عن سلوك سبيل المجرمين، فقال: {وَكَذَلِكَ}؛ أي: وكما فصلنا لك يا محمد في هذه السورة دلائلنا على صحة التوحيد وإبطال ما هم عليه من الشرك. {نُفَصِّلُ الْآيَاتِ}؛ أي: نميز ونبين لك أدلة حججنا وبراهيننا على تقرير كل حق ينكره أهل الباطل، وقوله: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} معطوف على محذوف تقديره؛ أي: وكذلك نفصل الآيات ليظهر الحق، فيعمل به، ولتستبين وتتضح سبيل المجرمين؛ أي: طريق المشركين فتجتنب، فطريق الهدى واضحة، وطريق الضلال واضحة؛ لما في الحديث "تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، ونهارها كليلها, لا يضل عنها إلا هالك".

وقرأ (١) ابن كثير وحفص والعربيان - أبو عمرو وابن عامر -: {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء {سَبِيلُ} بالرفع. وقرأ أبو بكر والأخوان - الكسائي وحمزة -: وليستبين بالياء سبيل بالرفع فاستبان في هاتين القراءتين لازم. وقرأ نافع {وَلِتَسْتَبِينَ} بتاء الخطاب {سَبِيلَ} بالنصب، فاستبان هنا متعدية. فقيل: الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل له ظاهرًا، والمراد: أمته؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان استبانها، والمعنى: ولتبين يا محمد، أو يا مخاطب للناس سبيل المجرمين.

فالحاصل (٢): أن القراءات ثلاث سبعية، فمتى قرئ الفعل بالفوقانية جاز في {سَبِيلُ} النصب والرفع، والتاء مختلفة المعنى؛ لأنها في حالة النصب حرف خطاب، وفي حالة الرفع للتأنيث، ومتى قرئ بالتحتانية .. تعين الرفع في سبيل؛ وذلك لأن السبيل يذكر ويؤنث، فتأنيث الفعل بناء على تأنيثه، وتذكيره بناء على تذكيره.

٥٦ - {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المشركين الداعين لك إلى الإشراك {إِنِّي نُهِيتُ} وزجرت وصرفت بما نصب لي ربي من الأدلة، وأنزل علي من الآيات في أمر


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.