للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الضحك في هذه الحالة، فلا بدّ من حفظ اللسان، وفي الحديث: "من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

قال الحسن البصري (١): وتلا هذه الآية: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} يا ابن آدم بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذ من طويت صحيفتك وجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول الله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)}. ثم قال: عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك.

وروى أبو أسامة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة .. كتبها ملك اليمين عشرًا، وإذا عمل سيئة .. قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات، لعلّه يسبّح أو يستغفر".

١٩ - وبعد أن ذكر استبعادهم البعث للجزاء، وأزاح ذلك بتحقيق قدرته وعلمه .. أعلمهم بأنهم يلاقون صدق ذلك حين الموت، وحين قيام الساعة فقال: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}؛ أي: وكشفت لك سكرة الموت عن اليقين الذي كنت تمتري فيه، وأنّ البعث لا شكّ فيه، والباء (٢) في قوله: {بِالْحَقِّ}: إما للتعدية كما في قولك: جاء الرسول بالخبر، والمعنى: حضرت الموت؛ أي: شدته التي تجعل الإنسان كالسكران، بحيث تغشاه وتغلب على عقله، وكشفت له حقيقة الأمر الذي نطق به كتاب الله، وأخبرت به رسله، أو حقيقة الأمر وجلية الحال من سعادة الميت وشقاوته، وإما للملابسة، كالتي في قوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}؛ أي: حالة كونها متلبسةً بالحق؛ أي: بحقية الأمر أو بالحكمة والغاية الجميلة، وقرىء: {وجاءت سكرة الحق بالموت}. ويقال للميت لسحان الحال، أو تقول


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.