فيه إلى الله تعالى إن كنتم صادقين في أن أصنامكم آلهة، فأجيبوا سؤالي؟ أو المعنى: إن كنتم قومًا صادقين .. فأخبروني أإلهًا غير الله تدعون إلخ.
٤١ - ثم أجاب عن ذلك بقوله:{بَلْ إِيَّاهُ} سبحانه وتعالى {تَدْعُونَ} وتستغيثون {فَيَكْشِفُ} ويزيل {مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ}؛ أي: إنكم لا ترجعون في طلب دفع البلية إلا إلى الله سبحانه وتعالى، فيكشف التفسير الذي من أجله دعوتم بمحض مشيئته {وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ}؛ أي: وتتركون الأصنام ولا تدعونهم لعلمكم أنها لا تضر ولا تنفع. أي: ما أنتم أيها المشركون بالله الآلهة والأندادَ إن أتاكم عذاب الله، أو أتتكم الساعة بمستجيرين بشيء غير الله من وثن أو صنم إذا اشتد بكم الهول، بل تدعونه وحده، وبه تستغيثون، وإليه تفزعون دون كل شيء غيره، فيفرج عنكم ويزيل البلاء عند استغاثتكم به وتضرعكم إليه إن شاء ذلك؛ لأنه وحده القادر على كل شيء، والمالك لكل شيء دون ما تدعونه إلهًا من صنم أو وثن؛ لأن الفزع إليه تعالى عند الشدائد مما ركز في فطرة البشر، تنبعث إليه بذاتها، كما تنبعث إلى الماء عند العطش، فلا يذهب به ما يتلقَّى بالتعليم الباطل من مسائل الدين، فهم به يجنون على غريزة التوجه إلى خالقهم وخالق العالم كله بما يتخذونه من الأنداد والأولياء والشفعاء الذين يتوجهون إليهم، كما يتوجهون إلى الله تعالى، ويحبونهم كحب الله، وما منشأ ذلك التقديس إلا اعتقاد القدرة على النفع والضر من غير طريق الأسباب المعروفة، لكنهم عند الشدائد وتراكم الأهوال والكروب ينسونهم، ويدعون الله وحده، ولهذا الحب والتعظيم ثلاث درجات:
١ - أعرقها في الجهل: أن يعتقد المرء في شيء من المخلوقات أنه إله ينفع ويضر بذاته، فيتوجه إليه ويدعوه ويتضرع إليه.
٢ - المرتبة الوسطى: أن يعتقد أن الإله قد حل في بعض المخلوقات واتحد بها، كما تحل الروح في البدن وتدبره، فيكونان شيئًا واحدًا.
٣ - أضعف درجاته: أن يعتقد أن الله تعالى هو الخالق لكل شيء القادر على كل شيء المتصرف في كل شيء، ولكن له وسطاء بينه وبين عباده يقربونهم