للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الروحية، إلى أن جاءت الشريعة الوسطى السمحة التي بعث بها خاتم الرسل محمد صلوات الله عليه.

ثم بين سبحانه وتعالى كيفية اتباعه صلى الله عليه وسلّم، وعلو مرتبة متبعيه، واغتنامهم مغانم الرحمة في الدارين، إثر بيان نعوته الجليلة فقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ}؛ أي: بالرسول النبي الأمي حين بعث من قوم موسى، ومن كل أمة {وَعَزَّرُوهُ}؛ أي: منعوه وحموه من كل من يعاديه، مع التعظيم والإجلال؛ لا كما يحمون بعض ملوكهم مع الكره والاشمئزاز {وَنَصَرُوهُ} على أعدائه باللسان والسنان {وَاتَّبَعُوا النُّورَ} الأعظم {الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}؛ أي: مع رسالته، وهو القرآن. سماه نورا لأنّه يظهر نور الإيمان لصاحبه، ويزيل عنه ظلمة الجهل والضلال {أُولئِكَ} الموصوفون بالصفات السابقة، من الإيمان به والتعزير والنصر له، واتباع النور الذي أنزل معه {هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ أي: الفائزون بالرحمة والرضوان؛ أي: الفائزون بالمطلوب في الدنيا والآخرة، والناجون من السخط والعذاب، دون غيرهم من حزب الشيطان الذين خذلهم الله تعالى في الدنيا والآخرة.

وقرأ الجحدري وقتادة وسليمان التيمي وعيسى (١): {وَعَزَّرُوهُ} بالتخفيف. وقرأ جعفر بن محمد: {وعززوه} بزايين،

١٥٨ - ولما ذكر الله سبحانه وتعالى أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلّم المكتوبة في التوراة والإنجيل .. أمره سبحانه أن يقول هذا القول الآتي، المقتضي لعموم رسالته صلى الله عليه وسلّم إلى الناس جميعا فقال: {قُلْ} يا محمد لجميع البشر من عرب أو عجم {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}؛ أي: مرسل إليكم كافة لا إلى قومي خاصة، فهو بمعنى قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} وقوله: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}؛ أي: وأنذر به كل من بلغه من الثقلين، وقوله: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)} ..

وجاءت أحاديث صحيحة ناطقة باختصاصه صلى الله عليه وسلّم، بالرسالة العامة:


(١) البحر المحيط.