من اسم الإشارة؛ أي: يوم إذ نقر في الناقور {يَوْمٌ عَسِيرٌ}؛ أي: شديد على الكل من المؤمنين والكافرين، كما روي: أن الأنبياء يفزعون يومئذٍ، وأن الولدان يشيبون إلا أنه يكون هول الكفار فيه أشد. وذلك قوله تعالى: {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)} وعلى المؤمنين يسير.
والناقور (١): فاعول بمعنى ما ينقر وينفخ فيه، والمراد به الصور، وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل مرة للإصعاق، وأخرى للإحياء. فالناقور فاعول من النقر بمعنى التصويت، وأصله: القرع الذي هو سبب الصوت. يعني: جعل الشيء بحيث يظهر منه الصوت بنوع قرع. والمراد هنا: النفخ؛ إذ هو نوع ضرب للهواء الخارج من الحلقوم، والمعنى؛ أي: فإذا نفخ في الصور. والفاء للسببية؛ أي: سببية ما بعدها لما قبلها دون العكس، فهي بمعنى اللام السببيّة كأنّه قيل: اصبر على أذاهم، فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى عاقبة صبرك عليه حين ينفخ في الصور ويومئذٍ تنال الجزاء الحسن والنعيم المقيم. والعامل في {إذا} ما دل عليه قوله تعالى: {فَذَلِكَ} الوقت الذي هو {يَوْمَئِذٍ} نقر في الناقور {يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩)
١٠ - عَلَى الْكَافِرِينَ}؛ أي: يوم عسر فيه الأمر على الكافرين من جهة العذاب وسوء الحساب. وذلك إشارة إلى وقت النقر. وهو مبتدأ، و {يَوْمَئِذٍ} بدل منه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن، وهو {إذ} والتقدير: إذ نقر في، والخبر يوم عسير، و {عَلَى} متعلقة بـ {عَسِيرٌ}، دل عليه قول تعالى:{وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}، كأنه قيل: فيوم النقر يوم عسر عليهم.
{غَيْرُ يَسِيرٍ} خبر بعد خبر وتأكيد لعسره عليهم لقطع احتمال يسره بوجه دون وجه مشعر بيسره على المؤمنين. ثم المراد به يوم النفخة الثانية التي يحيى الناس عندها، إذ هي التي يخص عسرها بالكافرين جميعًا، وأما النفخة الأولى فهي مختصّة بمن كان حيًّا عند وقوعها، وقد جاء في "الأخبار": "إنّ في الصور ثقبًا بعدد الأرواح كلّها، وإنها تجمع في تلك الثقب في النفخة الثانية، فيخرج عند النفخ من كل ثقبة روح إلى الجسد الذي نزع منه، فيعود الجسد حيًّا بإذن الله". وفي