للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كانوا يفترونه على الله، أو غاب عنهم ما كانوا يعبدونه من الأصنام.

٥٤ - ثم ذكر سبحانه وتعالى دلائل القدرة والوحدانية، فقال: {إِنَّ رَبَّكُمُ} أيها العباد وخالقكم ومعبودكم الذي يستحق منكم العبادة هو {اللَّهُ}؛ أي: المعبود بحق في الوجود المنفرد في ذاته وصفاته وأفعاله {الَّذِي خَلَقَ} وأوجد {السَّماواتِ} السبع {وَالْأَرْضَ} على غير مثال سابق فِي مقدار {سِتَّةِ أَيَّامٍ} من أيام الدنيا التي أولها الأحد، وآخرها الجمعة، وإنما خلقها في ستة أيام مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة بأن يقول لها: كوني فتكون؛ ليعلم عباده الرفق والتأني والتثبت في الأمور، وعدم العجلة، وفي آية أخرى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)}. {ثُمَّ} بعد خلق السموات والأرض وما بينهما {اسْتَوى}؛ أي: علا وارتفع سبحانه وتعالى {عَلَى الْعَرْشِ} استواء يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تعطيل نثبته، ونؤمن به على الوجه الذي يليق به مع تنزيهه عما لا يجوز عليه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} والإيمان بذلك غير موقوف على معرفة حقيقته وكيفيته، فالصحابة رضوان الله تعالى عليهم، والأئمة من بعضهم لم يشتبه أحد منهم فيه.

وقد أثر عن ربيعة شيخ الإمام مالك أنه سئل عن قوله: {اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق. وقال الحافظ بن حجر: مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه. وقال نعيم بن حماد شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه .. فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت ما وردت به الآثار الصريحة والأخبار الصحيحية على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله النقائص ... فقد سلك سبيل الهدى. انتهى.

وقال الإمام مالك رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان