للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل المعنى (١): وفي السماء سبب رزقكم، وهو المطر، فإنه سبب الأرزاق، وقال ابن جبير والضحاك: الرزق هنا ما ينزل من السماء من مطر وثلج، وقيل: المراد بالسماء: السحاب؛ أي: وفي السحاب رزقكم، وقيل: المراد بالسماء: المطر، وسمّاه سماء؛ لأنه ينزل من جهتها، ومنه قول الشاعر:

إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا

وقيل: وفي السماء تقدير رزقكم، وقال ابن كيسان: وعلى ربّ السماء رزقكم كقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ففي بمعنى على، ونظيره: قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وهو بعيد.

وقرأ الجمهور: {رزقكم} بالإفراد، وقرأ يعقوب وابن محيصٍ، ومجاهد: {أرزاقكم} بالجمع.

{و} كذلك في السماء {مَا تُوعَدُونَ} من (٢) الثواب؛ لأنّ الجنّة على ظهر السماء السابعة تحت العرش قرب سدرة المنتهى، أو أراد أنّ كل ما توعدون من الخير والشر، والثواب والعقاب والشدة والرخاء، وغيرها مكتوب مقدّر في السماء.

يقول الفقير: أمر العقاب ينزل من السماء، ونفسه أيضًا، كالصيحة والقذف والنار والطوفان، مما وقع على الأمم السالفة، وقال ابن سيرين: ما توعدون من أمر الساعة وبه قال الربيع، والأولى الحمل على ما هو أعمّ من هذه الأقوال، فإنّ جزاء الأعمال مكتوب في السماء، والقضاء والقدر ينزل منها، والجنة والنار فيها.

٢٣ - ثم أقسم سبحانه بنفسه، فقال: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وذكر الرب؛ لأنّه في بيان التربية بالرزق. {إِنَّهُ}؛ أي: إنّ ما توعدون، أو ما ذكر من أمر الآيات والرزق على أنّ الضمير مستعار لاسم الإشارة.


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.