ولأعفرن وجهه في التراب، فأنزل الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) ...} الآيات.
قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠)} سبب نزوله: ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فجاءه أبو جهل، فنهاه، فأنزل الله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠)} إلى قوله {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) ...} الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه الترمذي وغيره عن ابن عباس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فجاءه أبو جهل، فقال: ألم أنهك عن هذا؟!، فزجره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثرُ منى، فأنزل الله: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} قال الترمذي حسن صحيح.
التفسير وأوجه القراءة
١ - {اقْرَأْ}؛ أي (١): ما يوحى إليك يا محمد، فإن الأمر بالقراءة يقتضي المقروء قطعًا، وحيث لم يتعين .. وجب أن يكون ذلك ما يتصل بالأمر حتمًا سواء كانت السورة أول ما نزل أم لا، فليس فيه تكليف ما لا يطاق، سواء دل الأمر على الفور أم لا، والأقرب أن هذا إلى قوله:{مَا لَمْ يَعْلَمْ} أول ما نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة, وإنما الخلاف في تمام السورة.
وعن عائشة - رضي الله عنها -: أول ما ابتُدىء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النبوة حين أراد الله به كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصالحة، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح؛ أي: كضيائه وإنارته، فلا يشك فيها أحد، كما لا يشك في وضوح ضياء الصبح، وإنما ابتُدىء عليه السلام بالرؤيا؛ لئلا يفجأه الملك الذي هو جبريل بالرسالة، فلا تتحملها القوة البشرية؛ لأنها لا تحتمل رؤية الملك، وإن لم يكن على صورته الأصلية، ولا على سماع صوته، ولا على ما يخبر به، فكانت الرؤيا تأنيسًا له، وكانت مدة الرؤيا ستة أشهر على ما هو أدنى مدة الحمل، ثم جاءه الملك فعبر عن عالم الرؤيا إلى عالم المثال.