وفي "القاموس"، الألد: الخصم الشحيح، الذي لا يزيغ إلى الحق، وفي الحديث "أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم".
والمعنى (١): أي فإنما سهلنا نزول القرآن بلغتك العربية، لتقرأه على الناس، وتبشر به من اتقى عقاب الله، فأدى فرائضه، واجتنب نواهيه، بأن له الجنة، وتنذر به من عصاه من قريش بالعذاب، وهم أهل اللدد والجدل بالهوى، ممن لا يقبل حقًا، ولا يحيد عن باطل، ولو أنزلناه بغيرها لم يتيسر التبشير به ولا الإنذار، لعدم فهم المخاطبين لغيرها.
وقصارى ذلك: بلَّغ هذا المنزل، وبشر به وأنذر، فإنما أنزلناه بلسانك العربي المبين، ليسهل على الناس حفظه،
٩٨ - ثم ختم السورة بتلك العظة البالغة فقال:{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ}؛ أي: وكثيرًا من الأمم الماضية، والقرون الخالية، قد أهلكنا قبل هؤلاء اللد المعاندين لك، حين سلكوا في خلاف مسلك هؤلاء، وركبوا معاصي فـ {هَلْ تُحِسُّ} وتجد يا محمد {مِنْهُمْ}؛ أي: من أولئك القرون {مِنْ أَحَدٍ}؛ أي: هل تجد أحدًا منهم فتراه وتعاينه {أَوْ} هل {تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}؛ أي: صوتًا خفيًا، لا أنهم بادوا، وخلت منهم الديار، وأقفرت المنازل، وصاروا إلى دار لا ينفع فيها إلا صالح العمل، وإن قومك لصائرون إلى مثل ما صاروا إليه إن لم يعاجلوا التوبة قبل الهلاك، والاستفهام فيه إنكاري كما أشرنا إليه آنفًا في الحل.
والمعنى: استأصلناهم بالكلية، بحيث لا يُرى منهم أحد، ولا يُسمع لهم صوت خفي، كما في "أبي السعود".
وفي هذا وعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنصر والغلبة على هؤلاء المشركين، ووعيد لأولئك الكافرين الجاحدين، وحث له على التبشير والإنذار.
وقصارى ذلك: أنا أهلكناهم فلم نبق منهم أحدًا تراه، ولا تسمع له صوتًا خفيًا ولا ظاهرًا.