للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بين الأمم الأخرى، وقلما يتعاونون على ما فيه صلاحهم وتقدمهم في سائر مرافق الحياة، فيصبحون عبيدًا بعد أن كانوا سادة، وأذلاء بعد أن كانوا في عزة وبلهنية من العيش، كما رأينا وجربنا ذلك في بعض الشعوب الذين عليهم الاستئمار كشعوب الأروميا في شرقي أفريقيا.

٣٣ - {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}؛ أي: إنَّما (١) جزاء الذين يخالفون أحكام الله، وأحكام رسوله، أو إنَّما مكافأة الذين يحاربون أولياء الله، وأولياء رسوله، وهم المسلمون {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}؛ أي: يعملون في الأرض عمل فساد، أو يسرعون في الأرض مفسدين بالمعاصي من القتل، وأخذ المال {أَنْ يُقَتَّلُوا} واحدًا بعد واحد إن قتلوا {أَوْ يُصَلَّبُوا} ثلاثة أيام بعد القتل والصلاة عليهم. وقيل: يصلبون أحياءً، ثم يطعن بطنهم برمح حتى يموتوا إن جمعوا بين القتل وأخذ المال، وعبارة "المنهاج" في باب قاطع الطريق: فإن قتل وأخذ مالًا .. قتل ثمَّ صلب مكتفًا معترضًا على نحو خشبة ثلاثة أيام بلياليها وجوبًا، ثم ينزل إن لم يخف تغيره قبلها، وإلا أنزل وقت التغير، وقيل: يبقى وجوبًا حتى يتهرى ويسيل صديده تغليظًا عليه. وفي قول: يصلب حيًّا قليلًا، ثم ينزل فيقتل، والمراد بالقليل: أدنى زمن ينزجر به غيره عرفًا، انتهى مع بعض زيادات للرملي، و {أو} (٢) لتقسيم عقوباتهم تقسيمًا موزعًا على جناياتهم. قال ابن جريج: {أو} في جميع القرآن للتخيير إلا في هذه الآية. قال الشافعي رحمه الله: وبه أقول. اهـ. "كرخي". {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} بمفصل الكف {وَأَرْجُلُهُمْ} بمفصل القدم، حال كونها {مِنْ خِلَافٍ}؛ أي: مختلفة في القطع بأن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، والتشديد في {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ}: قراءة الجمهور، وهو للتكثير بالنسبة إلى الذين يوقع بهم الفعل، والتخفيف في ثلاثتها قراءة الحسن ومجاهد وابن محيصن، ذكره أبو حيان في "البحر" {أَوْ يُنْفَوْا}؛ أي: يطردوا ويخرجوا {مِنَ الْأَرْضِ}؛ أي: من أرضهم التي يريدون الإقامة بها إلى مسافة قصر فما فوقها؛ لأنَّ المقصود من النفي


(١) المراح.
(٢) جمل.