بعد قبول الميثاق والعهد {فَأُولَئِكَ} المعرضون {هُمُ الْفَاسِقُونَ}؛ أي: الخارجون عن طاعة الله وميثاقه.
وخلاصة المعنى: فمن أعرض بعد أخذ الميثاق على هذه الوحدة، واتخذ الدين آلة للتفريق والعدوان، ولم يؤمن بالنبي المتأخر المصدق لمن تقدمه، ولم ينصره .. فأولئك الجاحدون هم الفاسقون، فأهل الكتاب الذين جحدوا نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - خارجون عن ميثاق الله، ناقضون لعهده، وليسوا من الدين الحق في شيء.
وبعد أنْ بين الله سبحانه وتعالى أنَّ دين الله واحد، وأنَّ رسله متفقون فيه، ذكر حال منكري نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال:
٨٣ - {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} والهمزة فيه للاستفهام الإنكاري، والتنبيه على الخطأ في التولي والإعراض، وهي داخلة على محذوف، والفاء عاطفة ما بعدها على ذلك المحذوف، والتقدير: أيتولون ويعرضون عن الحق بعد ما تبين لهم، ويطلبون غير دين الله وهو، الإِسلام، والإخلاص له في العبادة في السر والعلن {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: والحال أنَّه قد خضع له تعالى، وإنقاذ لحكمه أهل السموات والأرض حالة كونهم {طَوْعًا}؛ أي؛ طائعين راضين، يعني: الملائكة والمسلمين {و} حالة كونهم {كرهًا}؛ أي: كارهين، يعني الكفار في حالة البأس، ورؤية العذاب.
فالطَّوْع (١): الانقياد والاتباع بسهولة، والكره: ما كان من ذلك بمشقة وإباء من النفس، واختلفوا في معنى قوله:{طوعًا أو كرهًا}، فقيل: أسلم أهل السموات طوعًا، وأسلم بعض أهل الأرض طوعًا، وبعضهم كرهًا من خوف القتل والنبي، وقيل: أسلم المؤمن طوعًا، وانقاد الكفار كرهًا، وقيل: هذا في يوم أخذ الميثاق حين قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالوا بلى} فمن سبقت له السعادة .. قال ذلك طوعًا، ومن سبقت له الشقاوة. قال ذلك كرهًا، وقيل: أسلم المؤمن