وثبت في "الصحيحين" و"السنن" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سها في الصلاة، وقال:"إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت .. فذكِّروني". وإنساء الشيطان للإنسان بعض الأمور ليس من قبيل التصرف والسلطان حتى يدخل في مفهوم قوله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)}. ومن هذا تعلم أن نسيان الشيء الحسن الذي يسند إلى الشيطان؛ لكونه ضارًا ومفوتًا لبعض المنافع، أو لكونه حصل بوسوسته، ولو بشغل القلب ببعض المباحات، فلا يعد من سلطان الشيطان على الناس، واستحواذه عليهم بالإغواء والإضلال الذي نفاه الله تعالى عن عباده المخلصين بقوله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)}.
٦٩ - وروي عن ابن عباس: أنه لما قال المسلمون: إن قمنا كلما خاضوا لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، وأن نطوف بالبيت .. نزل قوله تعالى:{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ} الشرك والمعاصي {مِنْ حِسَابِهِمْ}؛ أي: من حساب الخائضين وعقوبتهم {مِنْ شَيْءٍ}، فـ {مِنْ} زائدة؛ أي: ليس على الذين آمنوا واتقوا شيء من حساب الخائضين في آيات الله، فلا يحاسبون على خوضهم فيها، وعلى غيره من أعمالهم السيئة التي يحاسبهم الله تعالى عليها إذا هم تجنبوهم، وأعرضوا عنهم كما أمروا. {وَلَكِنْ ذِكْرَى}؛ أي: ولكن عليكم أيها المتقون أن تذكروهم ذكرى، وتعظوهم عظة إذا سمعتموهم يخوضون، بأن تقوموا عنهم، وتظهروا كراهة فعلهم وتعظوهم {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}؛ أي: لعلهم يتجنبون الخوض في الآيات حياءً منكم، ورغبة في مجالستكم، قاله مقاتل. أو