للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال: "أرأيتم إن أسلم عبد الله" قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فقالوا، شرّنا وابن شرنا، وانتقصوه. قال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله وأحذر. قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على الأرض: "إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزل: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}.

وقال مسروق - رضي الله عنه -: والله ما نزلت في عبد الله بن سلام، فإن آل {حمَ (١)} نزلت بمكة، وإنما أسلم عبد الله بالمدينة قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعامين، وأجاب الكلبي بأن الآية مدنية، وإن كانت السورة مكية، فوضعت في المكية على ما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ومعنى الآية: أي قل لهم (١): أخبروني حالكم إن ثبت أنّ القرآن من عند الله لعجز الخلق عن معارضته، لا أنه سحر ولا مفترى كما تزعمون، ثم كذبتم به، وشهد أعلم بني إسرائيل بكونه من عند الله، فآمن واستكبرتم، أفلستم تكونون أضل الناس وأظلمهم؟

والخلاصة (٢): أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به، وشهادة منصف من بني إسرائيل عارف بالتوراة على مثل ما قلت، فآمن به مع استبكاركم، أفلا تكونون ظالمين لأنفسكم؟

ثم ذكر أن في استكبارهم عن الإيمان ظلمًا لأنفسهم، وكفرا بآيات ربهم، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؛ أي: إنّ الله لا يوفق لإصابة الحق، وهدى الصراط المستقيم من ظلموا أنفسم باستحقاقهم بسخط الله لكفرهم به بعد قيام الحجة الظاهرة عليهم، وهذا استئناف بياني تعليل لاستكبارهم.

١١ - ثم حكى نوعًا آخر من أقاويلهم الباطلة في القرآن العظيم والمؤمنين به


(١) المراغى.
(٢) المراغي.