للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مترفيهم، وهم الكفرة مطلقًا.

والمعنى: أي حتى (١) إذا حل بهم بأسنا يوم القيامة، وحاق بهم سوء العذاب .. صاحوا صيحة منكرة، وقالوا: واغوثاه واسوء منقلباه، لشدة ما يرونه من الكرب والهول ولا سيما مترفوهم الذين انقلب أمرهم من النعيم إلى العذاب الأليم، وندموا حين لا ينفع الندم.

نَدِمَ الْبُغَاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ ... وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيْهِ وَخِيْمُ

٦٥ - ثم أبان أن الصريخ والعويل لا يجديهم نفعًا، فقال: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ} فهو على إضمار القول، وتخصيص اليوم بالذكر، وهو يوم القيامة لتهويله والإيذان بتفويتهم وقت الجؤار؛ أي: فيقال لهم على وجه التبكيت والتقريع: لا تصرخوا اليوم، ولا تلتجئوا إلينا, ولا تستغيثوا بنا.

وجملة قوله: {إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ} تعليل للنهي عن الجؤار، والمعنى إنكم من عذابنا لا تمنعون، ولا ينفعكم جزعكم. وقيل المعنى: إنكم لا يلحقكم من جهتنا نصرة تمنعكم مما دهمكم من العذاب.

والمعنى: أي قلنا لهم هيهات هيهات، قد فات ما فات، الآن لا يجديكم البكاء والعويل؛ فهذا وقت الجزاء على ما كسبت أيديكم، وقد حقت عليكم كلمة ربكم، ولا مغيث من أمره، ولا ناصر يحول بينكم وبين بأسه، ولا يخفى ما في ذلك من التهويل الشديد لذلك اليوم، وأنه لا يجدي فيه ضراعة، ولا استغاثة، ولا ينفع فيه ولي ولا نصير.

٦٦ - ثم عدد سبحانه عليهم قبائحهم توبيخًا لهم، وبيانًا أن البكاء والصراخ لا ينفع شيئًا، فقال: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي} التي هي القرآن {تُتْلَى} وتقرأ {عَلَيْكُمْ} في الدنيا {فَكُنْتُمْ} أيها الكفرة {عَلَى أَعْقَابِكُمْ}؛ أي: وراءكم {تَنْكِصُونَ}؛ أي: ترجعون القهقرى، وتعرضون عن سماعها، وتنفرون عمن يتلوها.


(١) المراغي.