للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢ - ظنه أن يوم القيامة، لن يكون ثمّ تمني أمنية أخرى كان في شك منها، فقال: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ} إلخ؛ أي: والله لئن كان معاد ورجعة إلى الله ليكوننّ لي هناك أحسن من هذا الحظ عند ربي، والذي جرّأه على هذا الطّمع، وعلى تلك اليمين الفاجرة، اعتقاده أنّ الله إنما حباه بما حباه به في الدنيا لما له من كرامة لديه، ولما فيه من مزايا استحق بها أن ينال ما نال.

وخلاصة ذلك: أنه لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ليعطيني في الآخرة، ما هو أفضل منها، قال ذلك طمعًا، وتمنيًا على الله، وادعاءً للكرامة عنده تعالى كما مرّ.

وقرأ ابن الزبير، وزيد بن علي، وأبو بحرية، وأبو جعفر، وشيبة، وابن محيصن، وحميد، وابن مناذر، ونافع، وابن كثير، وابن عامر، {لأجدنّ خيرا منهما} بالتثنية وعود الضمير على الجنتين، وكذا في مصاحف مكة، والمدينة، والشام، وقرأ الكوفيون، وأبو عمرو {مّنها} على الإفراد، وعود الضمير على الجنة المدخولة، وكذا في مصاحف الكوفة، والبصرة،

٣٧ - ثمّ ذكر سبحانه جواب المؤمن له، فقال: {قالَ لَهُ}؛ أي: لصاحب الجنتين {صاحِبُهُ}؛ أي: أخوه المؤمن، وهو استئناف بياني كما سبق {وَهُوَ} أي: والحال أنّ صاحبه المؤمن {يُحاوِرُهُ}؛ أي: يجاوب الكافر، ويخاطبه بالتوبيخ على شكه في حصول البعث.

قال في «الإرشاد»: وفائدة هذه الجملة الحالية: التنبيه من أوّل الأمر على أن ما يتلوه كلامٌ معتنى بشأنه مسوق للمحاورة، وقرأ أبيٌّ: {وهو يخاصمه} وهي قراءة تفسير لا قراءة رواية لمخالفته سواد المصحف ذكره في «البحر».

{أَكَفَرْتَ} حيث قلت: ما أظن الساعة قائمةً، فإنه شك في صفات الله وقدرته، وقرأ ثابت البناني، ويلك أكفرت، وهو تفسير معنى التوبيخ والإنكار، لا قراءة ثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، {بِالَّذِي خَلَقَكَ}؛ أي (١): في ضمن خلق أصلك آدم عليه السلام. {مِنْ تُرابٍ} فإنّه متضمن بخلقه منه، إذ هو أنموذج مشتمل إجمالًا


(١) روح البيان.