الخلائق، وهو وقت النفخة الأولى، لا إلى وقت البعث، الذي هو المسؤول له، قال في «آكام المرجان»: ظاهر القرآن يدل على أن إبليس غير مخصوص بالإنظار، وأما ولده وقبيله، فلم يقم دليل على أنهم منظرون معه، وقال بعضهم: الشياطين يتوالدون ولا يموتون إلى وقت النفخة الأولى، بخلاف الجن، يتوالدون ويموتون، ويحتمل أن بعض الجن أيضًا، منظرون، كما أن بعض الإنس منظرون، كالخضر عليه السلام، وفيه: أن الظاهر: أن يموت الخضر وأمثاله حين يموت المؤمنون، ولا يبقى منهم أحد. وذلك قبل الساعة بكثير من الزمان.
ثم إن قوله تعالى:{فَإِنَّكَ} إلخ، إخبار من الله تعالى، بالإنظار المقدر أزلًا، لا إنشاء، لإنظار خاص به قد وقع إجابةً لدعائه، وكان استنظاره طلبًا لتأخير الموت، لا لتأخير العقوبة. هكذا في «الإرشاد». وقال بعضهم: ولا شك أن الله تعالى، استجاب دعاء إبليس، ليكون طول بقائه في الدنيا، أجرا له في مقابلة طول عبادته قبل لعنه، ودعاء الكافر مستجاب في أمور الدنيا، فلا مانع أن يكون إنظاره بطريق الإنشاء، يدل عليه ترتيبه على دعائه الحادث.
٨٢ - {قَالَ} إبليس عليه ما يستحق {فَبِعِزَّتِكَ} والباء فيه للقسم؛ أي: فأقسم بعزتك؛ أي: بقهرك وسلطانك، ولا ينافيه قوله تعالى، حكاية عنه:{فَبِما أَغْوَيْتَنِي}؛ لأن إغواءه إياه، أثر من آثار قدره وعزته، وحكم من أحكام قهره وسلطنته. ولهذه النكتة الخفية ورد الحلف هنا بالعزة، مع أن الصفات اللائقة للحلف كثير. وفي «التأويلات النجمية»: ثم إن إبليس لتمام شقاوته قال: {فَبِعِزَّتِكَ} إلخ، ولو عرف عزته، لما أقسم بها على مخالفته، {لَأُغْوِيَنَّهُمْ} لأضلنّ ذرية آدم {أَجْمَعِينَ}؛ أي: لأحملنهم على الغي والضلال، ولأكونن سببًا لغوايتهم وضلالهم بتزيين المعاصي لهم، وإدخال الشكوك والشبهات فيهم،
٨٣ - ثم صدق حيث استثنى، فقال: {إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} بفتح اللام؛ أي: الذين أخلصتهم واصطفيتهم لطاعتك، وعصمتهم من الشيطان، وقرىء بالكسر على صيغة اسم الفاعل؛ أي: الذين أخلصوا أعمالهم وقلوبهم لله تعالى، من غير شائبة الرياء، قال بعضهم: العبد المخلص، هو الذي يكون سره بينه وبين ربه،