للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البيت المعمور، وأول من أذن في الإِسلام بلال الحبشي - رضي الله عنه - وكان أول مشروعيته في أذان الصبح، قالت النوار أم زيد بن ثابت: كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن، إلى أن بني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجده، فكان يؤذن بعده على ظهر المسجد، وقد رفع له شيء فوق ظهره، وأول من أقام عبد الله بن زيد الأنصاري صاحب رؤيا الأذان، وزاد بل الذي أذان الصبح بعد الحَيَّعَلات: الصلاة خير من النوم مرتين، فأقرها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: اليقظة الحاصلة للصلاة، خير من الراحة الحاصلة بالنوم، ويقول المجيب عنده: صدقت وبالخير نطقت، وأول من زاد الأذان الأول في الجمعة عثمان - رضي الله عنه - زاده ليؤذن أهل السوق فيأتون إلى المسجد، وكان في زمانه - صلى الله عليه وسلم - وزمان أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أذان واحد حين يجلس الإِمام على المنبر، وأول من رزق المؤذنين عثمان - رضي الله عنه - والجهر في الأذان واجب لإعلام الناس، ولذا سن أن يكون في موضع عال، ولو أذن لنفسه .. خافت، وأما التكبيرات في الصلاة .. فالمؤذن يرفع صوته لتبليغ التكبير لمن بَعُدَ عن الإِمام من المقتدين، فإن كان في صوت الإِمام كفاية .. فالتبليغ مكروه، كما في "إنسان العيون".

يقول الفقير: أما سر عدد المنارات في الحرم النبوي وهي اليوم خمس .. فإشارة إلى الأوقات الخمسة، فهو صورة الدعوات الخمس في الساعات الأربع والعشرين المشتمل عليها الليل والنهار، وأول من قدر الساعات الاثنتي عشرة نوح عليه السلام في السفينة، ليعرف بها مواقيت الصلوات.

٣٤ - وبعد أن ذكر (١) محاسن الأعمال التي بين العبد وربه، ذكر محاسن الأعمال التي بين العباد بعضهم مع بعض، ترغيبًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبر على أذى المشركين، ومقابلة إساءتهم بالإحسان، فقال: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ} التي يرضي الله بها ويثيب عليها {وَلَا السَّيِّئَةُ} التي يكرهها الله ويعاقب عليها، {لا} الثانية: مزيدة لتأكيد النفي؛ أي: لا تستوي الخصلة الحسنة والسيئة في الجزاء وحسن العاقبة، وقد يكون المعنى: ولا تستوي دعوة الرسول إلى الدين الحق بالطرق المثلى، والصبر على سفاهة الكفار وإذايتهم وترك الانتقام منهم، وما أظهروه من


(١) المراغي.