بها عول على أمر لا يعول عليه، فقال: إنها صلاة كذا؛ لأنها وسطى بالنسبة إلى أن ما قبلها كذا من الصلوات، وبعدها كذا من الصلوات، وهذا الرأي المحض والتخمين البحت لا ينبغي أن تسند إليه الأحكام الشرعية على فرض عدم وجود ما يعارضه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف مع وجود ما هو في أعلى درجات الصحة والقوة والثبوت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالله العجب من قوم لم يكتفوا بتقصيرهم في علم السنة وإعراضهم عن خير العلوم وأنفعها حتى كلفوا أنفسهم التكلم على أحكام الله، والتجري على تفسير كتاب الله بغير علم ولا هدى، فجاؤوا بما يضحك منه تارة، ويبكي منه أخرى.
{وَقُومُوا} في الصلاة مخلصين {لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ أي: ساكنين فيها، ويدل لهذا المعنى حديث زيد بن أرقم في "الصحيحين" وغيرهما قال: كان الرجل يكلم صاحبه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأمرنا بالسكوت، وقيل: مطيعين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل قنوت في القرآن فهو طاعة". رواه أحمد وغيره، وقيل: ذاكرين، وقيل: داعين مواظبين على خدمة الله تعالى، وقد ذكر أهل العلم للقنوت ثلاثة عشر معنى، والمتعين هنا حمله على السكوت؛ للحديث المذكور.
٢٣٩ - {فَإِنْ خِفْتُمْ} من عدو أو سبع مثلًا، ولم يمكنكم أن تصلوا قانتين موفين حقوق الصلاة من إتمام الركوع والسجود، والخضوع والخشوع؛ لخوف عدو أو غيره {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}؛ أي: فصلّوا حالة كونكم رجالًا؛ أي: ماشين على أرجلكم، أو حالة كونكم ركبانًا؛ أي: راكبين على دوابكم حيثما توجهتم مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، وهذا في حال المقاتلة والمسايفة في وقت الحرب.
وصلاة الخوف قسمان:
أحدهما: أن يكون في حال القتال؛ وهو المراد في هذه الآية.
وقسم في غير حال القتال، وهو المذكور في سورة النساء في قوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ}، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى في موضعه، وقرأ عكرمة وأبو مجلز {فرجالًا} بضم الراء وتشديد الجيم، وروي