للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأنها في نفسها موجبة للتوحيد.

٧٠ - ثم بين صفات هؤلاء المبطلين بقوله: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ}؛ أي: بكل القرآن. وعبارة "السمين" هنا: يجوز في الموصول أوجه من الإعراب؛ إما أن يكون بدلًا من الموصول قبله، أو بيانًا له، أو نعتًا أو خبرًا لمبتدأ محذوف، أو منصوبًا على الذم، وعلى هذه الأوجه فقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}: جملة مستأنفة سيقت للتمهيد، ويجوز (١) أن يكون مبتدأ، والخبر: الجملة من قوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، ودخول {الفاء} فيه: واضح اهـ.

قال في "الإرشاد": إنما وصل الموصول الثاني بالتكذيب دون المجادلة؛ لأن المعتاد وقوع المجادلة في بعض المواد لا في الكل، وصيغة الماضي للدلالة على التحقق، كما أن صيغة المضارع في الصلة الأولى للدلالة على تجدد المجادلة وتكررها. اهـ.

{وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا} من سائر الكتب؛ أي: هم الذين كذبوا بالقرآن وبجميع ما أرسلنا به رسلنا، من إخلاص العبادة له سبحانه، والبراءة مما يعبد من دونه من الالهة والأنداد، والاعتراف بالبعث بعد الممات، ثم هددهم وأوعدهم على ما يفعلون فقال: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة أمرهم، ووبال كفرهم، وكته جدالهم، وتكذيبهم عند مشاهدتهم لعقوباته، وهي جملة مستأنفة مسوقة للتهديد،

٧١ - والظرف (٢) في قوله: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ}: متعلق بـ {يَعْلَمُونَ}؛ أي: فسوف يعلمون عاقبة أمرهم وقت كون الأغلال في أعناقهم.

فإن قلت (٣): إن {إِذِ} ظرف للزمن الماضي، و {يَعْلَمُونَ} مستقبل لفظًا ومعنًى، فهو مثل قولك: سوف أصوم أمس، فهو لا يجوز؟.

قلت: إن وقت العلم مستقبل تحقيقًا، وماضٍ تنزيلًا وتأويلًا؛ لأن ما سيعلمونه يوم القيامة، فكأنهم علوه في الزمن الماضي، لتحقق وقوعه {فَسَوْفَ} بالنظر إلى الاستقبال التحقيقي، و {إذ} بالنظر إلى المضي التأويلي، و {الْأَغْلَالُ}: جمع غل بالضم، وهو: ما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه كما سيأتي؛ يعني: تغل


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.