من غير المسلمين؛ أي: إلا أن توصوا لذوي قرابتكم بشيء، وإن كانوا من غير أهل الإيمان, وذلك فإن القريب غير المسلم، يكون كالأجنبي، فتصح الوصية له مثله، وأما الوصية لحربي فلا تصح مطلقًا؛ أي: قريبًا أو أجنبيًا؛ لأنه ليس من أهل المواساة، والمعروف له كتربية الحية الضارة لتلدغه، وندبت الوصية. عند الجمهور في وجوه الخير، لتدارك التقاصير.
٧ - والظرف في قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ}: متعلق بمحذوف، تقديره: واذكر يا محمد لقومك، أو ليكن ذكر منك، يعني لا تنس قصة وقت أخذنا من الأنبياء كافةً عند تحميلهم الرسالة {مِيثَاقَهُمْ}؛ أي: عهودهم المؤكدة باليمين على تبليغ الرسالة، والدعوة إلى التوحيد والدين الحق.
ثم خصص سبحانه بعض النبيين بالذكر بعد التعميم الشامل لهم ولغيرهم فقال:{وَمِنْكَ}؛ أي: وأخذنا منك يا حبيبي خاصةً، وقدم تعظيمًا وإشعارًا بأنه أفضل الأنبياء وأولهم في القرب، وإن كان آخرهم في البعث، وفي الحديث:"أنا سيد ولد آدم ولا فخر"؛ أي: لا أقول هذا بطريق الفخر، {و} أخذنا {مِنْ نُوحٍ} شيخ الأنبياء وأول الرسل بعد الطوفان {وَإِبْرَاهِيمَ} الخليل {وَمُوسَى} الكليم {وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} روح الله وكلمته خصهم (١) بالذكر مع اندراجهم في النبيين، للإيذان بمزيد فضلهم، وكونهم من مشاهير أرباب الشرائع، وأساطين أولي العزم من الرسل، قال الزجاج: وأخذ الميثاق حين أخرجوا من صلب آدم مثل الذر، ثم أكد ما أخذه على النبيين من الميثاق، بتكرير ذكره ووصفه بالغلظ، فقال:{وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ}؛ أي: من النبيين {مِيثَاقًا}؛ أي: عهدًا مؤكدًا وثيقًا {غَلِيظًا}؛ أي: شديدًا على الوفاء بما التزموا من تبليغ الرسالات، وأداء الأمانات، وهذا هو الميثاق الأول بعينه، والتكرير لبيان هذا الوصف، ويجوز أن يكون قد أخذ الله عليهم الميثاق مرتين، فأخذ عليهم في المرة الأولى مجرد الميثاق بدون تغليظ ولا تشديد، ثم أخذه عليهم ثانيًا مغلظًا مشددًا.