للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من يكتب بالأوفاق والطلسمات للحب والبغض، إلى نحو ذلك، ومن ذلك ما استحدث في هذا العصر من التنويم المغناطيسي، وعلى الجملة: فالسحر صناعة تتلقى بالتعليم كما ثبت بنص الكتاب الكريم، وبالاختبار الذي لم يبق فيه شك بين العلماء في هذا العصر.

وبعد أن ذكر فيما سلف أنّهم طلبوا إليه تأخير الفصل في أمره، حتى يحضر السحرة ليفسدوا عليه أعماله، ويبينوا خبيىء حيله .. ذكر هنا أن السحرة جاؤوا وطلبوا المثوبة من فرعون إن هم نفذوا ما طلبه، فأجابهم إلى ذلك، ففعلوا أفاعيلهم السحرية التي أوقعت الرهب في قلوب المشاهدين فقال:

١١٣ - {وَجاءَ السَّحَرَةُ} الذين حشرهم أعوان فرعون وشرطته {فِرْعَوْنَ} اللعين، وقال أبو حيان: وفي الكلام حذف يقتضيه المعنى، تقديره: فأرسل جنده حاشرين، وجمعوا السحرة، وأمرهم بالمجيء، وجاؤوا إليه وحين جاؤوا {قالُوا} لفرعون {إِنَّ لَنا لَأَجْرًا}؛ أي: إن لنا عليك لجعلا عظيما وأجرا وجائزة، كفاء ما نقوم به من العمل العظيم الذي يتم به الغلب على موسى {إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ} على موسى. قرأ (١) نافع وابن كثير وحفص عن عاصم {إِنَّ لَنا} بهمزة واحدة على الإخبار فكأنهم قاطعون بالجعل، وإنّه لا بد لهم منه، وجوز أبو علي أن تكون {إِنَّ} استفهاما حذفت منه الهمزة، كقراءة الباقين الذين أثبتوها، قال: والاستفهام أشبه بهذا الموضع؛ لأنّهم لم يقطعوا أن لهم الأجر، وإنّما استفهموا عنه. ذكره ابن الجوزي في «زاد المسير»، وقرأ حمزة والكسائي، وابن عامر وأبو بكر وأبو عمرو بهمزتين، فمنهم من حققهما، ومنهم من سهل الثانية، ومنهم من أدخل بينهما ألفا، كأبي عمرو، والخلاف في كتب القراءات مبسوط على الاستفهام، استفهموا فرعون عن الجعل الذي سيجعله لهم على الغلبة، والاستفهام هنا للتقرير.

واشتراط (٢) الأجر وإيجابه على تقدير الغلبة، لا يريدون مطلق الأجر، بل المعنى: إن لنا لأجرا عظيما، ولهذا قال الزمخشري: والتنكير للتعظيم، كقول


(١) المراح والبحر.
(٢) البحر المحيط.