للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما عدم العلم بما ينفع وما يضر وما يحسن وما يقبح، فذلك من أقبح القبائح والمنكرات، وأما الافتراء على الله فلأنهم جعلوه دينا يتقرب به إليه، وهو جرأة عليه، وذلك من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأما الضلال المبين فلأنهم لم يهتدوا إلى مصالح الدين، ولا منافع الدنيا، وأما عدم الاهتداء إلى شيء من الحق والصواب فلأنهم لم يعملوا بمقتضى العقل، ولا بهدي الشرع في منافع الدنيا وسعادة الآخرة.

وفائدة قوله: {وَما كانُوا مُهْتَدِينَ} بيان أنهم لم يحصل لهم اهتداء قط، والإنسان أحيانا قد يضل ثم يهتدي، ولكن هؤلاء لم يحصل لهم اهتداء بحال.

أخرج البخاري عن ابن عباس قال: إذا سرّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمئة من سورة الأنعام: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا} إلى قوله: {وَما كانُوا مُهْتَدِينَ}. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنه قال في الآية: هذا صنع أهل الجاهلية كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السباء والفاقة، ويغذو كلبه.

١٤١ - {وَهُوَ} - سبحانه وتعالى - ربكم {الَّذِي أَنْشَأَ} وأوجد وابتدع لكم {جَنَّاتٍ} وبساتين من الكروم {مَعْرُوشاتٍ}؛ أي: مسموكات مرفوعات على العرش والسرير {وَ} جنات {غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ}؛ أي: متروكات على وجه الأرض لم تعرش، يقال: عرشت الكرم إذا جعلت لها دعائم وسمكا تعطف عليه القطبان، واختلفوا في معنى قوله: {مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ} على أربعة (١) أقوال:

أحدها: أن المعروشات ما انبسط على وجه الأرض فانتشر مما يعرش كالكرم والقرع والبطيخ، وغير معروشات ما قام على ساق كالنخل والزرع وسائر الأشجار.

والثاني: أن المعروشات ما أنبته الناس، وغير معروشات ما خرج في


(١) زاد المسير.