للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البراري والجبال من الثمار، رويا عن ابن عباس.

والثالث: أن المعروشات وغير المعروشات الكرم منه ما عرش ومنه ما لم يعرش. قاله الضحاك.

والرابع: أن المعروشات الكروم التي قد عرش عنبها، وغير المعروشات سائر الشجر التي لا تعرش. قاله أبو عبيدة.

{وَ} أنشأ {النَّخْلَ وَالزَّرْعَ} عطف على {جَنَّاتٍ} وإنما (١) أفردهما مع أنهما داخلان في الجنات؛ لما فيهما من الفضيلة على سائر ما ينبت في الجنات، والمراد بـ {الزَّرْعَ} جميع الحبوب التي يقتات بها، وتدخر حالة كون كل من النخل والزرع {مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ}؛ أي: مختلف المأكول منهما، وهو ثمرهما في الهيئة والطعم، واللون والرائحة، والجودة والرداءة، وهو حال مقدرة؛ لأن النخل والزرع وقت خروجه لا أكل منه حتى يكون مختلفا، أو متفقا، وهو مثل قولهم، مررت برجل معه صقر صائدا به غدا؛ أي: مقدرا للصيد به غدا.

{وَالنَّخْلَ} (٢) وإن كان من قسم الجنات غير المعروشات ذكر على سبيل الانفراد لما فيه من المنافع الكثيرة، ولا سيما للعرب، فإن بسره ورطبه فاكهة وغذاء، وتمره من أفضل الأقوات التي تدخر، ومن أيسرها تناولا في السفر والحضر، ولا يحتاج إلى طبخ ولا إلى معالجة، ونواه علف لرواحلهم، ويتخذ منه شراب لذيذ إذا نبذ في الماء قليلا إلى ما في خوصه وليفه من الفوائد والمنافع، وبهذه الفوائد يفضل الكرم الذي هو أقرب الشجر منه تفكها وتغذية وشربا، وأشبهه به شكلا ولونا في عنبه وزبيبه ومنافعه.

{وَالزَّرْعَ} وهو النبات الذي يكون بحرث الناس يشمل كل ما يزرع لكنه خص بما يأتي منه القوت كالقمح والشعير، وقد ذكرت هذه الأنواع على طريق الترقي من الأدنى في التغذية واقتيات الناس إلى الأعلى والأعم، فإن الحبوب هي التي عليها المعول في الاقتيات.


(١) زاده.
(٢) المراغي.