للتخفيف على عباده. {رَحِيمٌ}؛ أي: مريد للإنعام عليهم.
٦٦ - ثم ذكر سبحانه نعمة أخرى فقال:{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ} بعد أن كنتم نطفًا جمادًا {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند انقضاء أعماركم {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} عند البعث للثواب والعقاب.
والمعنى: أي وهو سبحانه، هو الذي أنعم عليكم بهذه النعم، وجعلكم أجسامًا حيةً بعد أن كنتم ترابًا، ثم يميتكم حين انقضاء آجالكم، ثم يحييكم بالبعث والنشور إلى عالم آخر، تلقون فيه حسابكم وجزاءكم من نعيم أو جحيم.
ثم بين طبيعة الإنسان التي فطر عليها، فقال:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ}؛ أي: كثير الجحد، لنعم الله عليه مع كونها ظاهرةً غير مستترة، ولا ينافي هذا خروج بعض الأفراد عن هذا الجحد، لأن المراد وصف جميع الجنس، بوصف من يوجد فيه ذلك من أفراده مبالغةً، وهو المشرك كُدَيْل بن ورقاء الخزاعي، وأبو جهل، والعاص بن وائل، وأبي بن خلف، وغيرهم.
والمعنى: أي (١) إن الإنسان لم يوجه همه إلى كل هذه الآلاء التي يتقلب فيها ليلًا ونهارًا بل جحدها، وجحد خالقها على وضوح أمرها، وعبد غيره، وجعل له الأنداد من الأصنام والأوثان. ونحو الآية قوله:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وقوله: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ}.
٦٧ - ثم عاد سبحانه، إلى بيان أمر التكاليف مع الزجر لمعاصري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل الأديان عن منازعته، فقال:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ} معينة من الأمم الماضية والباقية. والأمة جماعة أرسل إليهم رسول. {جَعَلْنَا}؛ أي: وضعنا وشرعنا {مَنْسَكًا}؛ أي: شريعة خاصة بهم، بحيث لا تتخطى أمة منهم شريعتها المعينة لها، إلى شريعة أخرى، على معنى عيّن كل شريعة لأمة معينة من الأمم، بحيث لا تتخطاها إلى شريعة أخرى، لا استقلالًا ولا اشتراكًا. وجملة قوله: {هُمْ