للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبًا. لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: ما لك ولهذه الآية، إنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود، وسألهم عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم، ثم قرأ ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} إلى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.

ويُمكن الجمعُ بين الحديثين بأن تكون الآية نزلَتْ في الفريقين معًا، قاله الحافظ ابن حجر في "الفتح" ولو رجح حديث أبي سعيد، لكان أولى، لأن حديث ابن عباس مما أنتقد على الشيخين، كما في مقدمة "الفتح".

وأخرج (١) عبد الرزاق في تفسيره عن زيد بن أسلم أن رافع بن خديج، وزيدَ بن ثابت كانا عند مروان، فقال مروان: يا رافع في أيِّ شيء نزلَتْ هذه الآية: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} قال رافع: أنزلت في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتذروا، وقالوا: ما حَبَسَنا عنكم إلا شغل، فلوددنا أنا كنا معكم، فأنزل الله فيهم هذه الآية، وكان مروان أنكر ذلك، فجَزِعَ رافع من ذلك، وقال لزيد بن ثابت: أنشدك بالله هل تعلم ما أقول؟ قال: نعم، قال الحافظ ابن حجر: يجمع بين هذا، وبين قول ابن عباس بأَنَّه يمكن أن تكون الآية نزلت في الفريقين معًا. قال: وحَكَى الفراء أنها نزلت في قول اليهود نحن أهلُ الكتاب الأول، والصلاة، والطاعة، ومع ذلك لا يقرون بمحمد، وروى ابن أبي حاتم من طرق عن جماعة من التابعين نحوَ ذلك، ورجحه ابن جرير، ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك. انتهى.

التفسير وأوجه القراءة

١٨١ - وعزتي، وجلالي {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ} وعلم، وأحصى {قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} وهو فنحاص بن عازوراء، كما قاله ابن عباس، والسدي أو حيي بن أخطب، كما قاله


(١) لباب النقول.