بالصبر، والعفو، ففيهم أنزل الله تعالى:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ...} الآية. فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أَذَى النبي - صلى الله عليه وسلم - .. أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - سَعْدَ بن معاذ أن يبعث رَهْطًا يقتلونه، فبعث محمدَ بن مسلمة، وذَكَر قصة قتله، فلما قتلوه فزعت يهود، والمشركون، فغدوا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: طرق صاحبنا، فقتل، فذكر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يقول، ودعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يكتب بينه، وبينهم كتابًا ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينهم، وبين المسلمين عامةً صحيفة. الحديث.
وقال المنذري (١): قوله عن أبيه فيه نظر، فإن أباه عبد الله بن كعب ليست له صحبة، ولا هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، ويكون الحديث على هذا مرسلًا، ويحتمل أن يكون أراد بأبيه جده، وهو كعب بن مالك، فيكون الحديث على هذا مسندًا، إذ قد سمع عبد الرحمن من جده كعب بن مالك، وكعب: هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، وقد وَقَع مثل هذا في الأسانيد في غير موضع اهـ من "عون المعبود" بتصرف.
قوله تعالى:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا ...} الآية. سبب نزولها: ما أخرجه البخاري عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رجالًا من المنافقين على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خِلافَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتذروا إليه، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الحديث، أخرجه مسلم أيضًا.
ولها أيضًا سبب آخر، وهو ما أخرجه البخاري عن ابن أبي مليكة، أن علقمة بن وقاص أخبره، أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل