للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العطش فتقول لها: اسقيني ماءك، فتصب لها من قربتها فيعود في إناء القبطية دما، حتى كانت القبطية تقول للإسرائيلية: اجعليه في فيك ثم مجيه في فيّ، فتأخذه في فيها ماء، وإذا مجته في فيها .. صار دما، واعترى فرعون العطش، حتى إنه ليضطر إلى مضغ الأشجار الرطبة، فإذا مضغها صار ماؤها دما، فمكثوا على ذلك سبعة أيام، من السبت إلى السبت، لا يشربون إلا الدم فأتوا موسى وشكوا إليه ما يلقونه، وقالوا: ادع لنا ربك لئن كشفت عنا هذا الدم لنؤمنن لك، ولنرسلنّ معك بني إسرائيل مع أموالهم، فدعا موسى عليه السلام ربه فكشفه عنهم وقوله: {آياتٍ مُفَصَّلاتٍ} حال من تلك الأشياء الخمسة؛ أي: فأرسلنا عليهم هذه الأشياء الخمسة، حالة كونها آيات مفصلات؛ أي: علامات مبينات ومعجزات واضحات، لا يخفى على كل عاقل أن هذه الخمسة من آيات الله تعالى، التي لا يقدر عليها غيره، أو حالة كونها آيات مفرقات بعضها من بعض بزمان مدة شهر لامتحان أحوالهم، أيقبلون الحجة أو يستمرون على التقليد، وكان كل عذاب يبقى عليهم أسبوعا، من سبت إلى سبت، وبين كل عذابين شهر {فَاسْتَكْبَرُوا}؛ أي: تكبروا عن الإيمان بها وعن عبادة الله تعالى، لرسوخهم في الإجرام والإصرار على الذنوب، وإن كانوا يعتقدون صدق دعوته، وحجة رسالته، {وَكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}؛ أي: مصرين على الذنب، لا يهتدون إلى الحق، ولا يقلعون عن الباطل.

والذي دلت عليه الآية (١): أنّه أرسل عليهم ما ذكر فيها، وأما كيفية الإرسال ومكث ما أرسل عليهم من الأزمان والهيئات، فمرجعه إلى النقل عن الأخبار الإسرائيليات، إذ لم يثبت من ذلك في الحديث النبوي شيء.

١٣٤ - فقوله {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ ....} الخ، موزع (٢) على الخمسة المذكورة، وهي الطوفان وما بعده، إذ كانوا في كل واحدة من الخمس المذكورة يلتجؤون إلى موسى ويطلبون منه الدعاء، ويسألونه أن يطلب لهم من ربه كشف ما نزل بهم، ويواعدونه بالإيمان به وإرسال بني إسرائيل معه، ويدعو الله فيكشف عنهم،


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.