١ - {الَّذِينَ كَفَرُوا} بالله ورسوله {وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي:(١) أعرضوا عن دين الإِسلام، وسلوك طريقه، من صد صدودًا، فيكون كالتأكيد والتفسير لما قبله، أو منعوا الناس عن ذلك، من صدّه صدًا، كالمطعمين الجيوش يوم بدر، فإنَّ مترفيهم كأبي جهل والحارث ابن هشام وعتبة وشيبة ابني ربيعة وغيرهم، أطعموا الجنود يوم بدر، يستظهرون على عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، فيكون مخصّصًا لعموم قوله:{الَّذِينَ كَفَرُوا} والظاهر: أنه عام في كل من كفر وصدّ، وقال مجاهد والسدي: هم كفار قريش كفروا بالله، وصدّوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله، وهو دين الإِسلام، بنهيهم عن الدخول فيه، وقال الضحاك: معنى {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} عن بيت الله بمنع قاصديه، وقيل: هم أهل الكتاب، والموصول: مبتدأ، خبره: قوله: {أَضَلَّ} الله سبحانه، وأبطل {أَعْمَالَهُمْ} الصالحة، ولم يتقبلها منهم؛ أي: حكم ببطلانها وضياعها، فإنّ ما كانوا يعملونه من أعمال البر، كصلة الأرحام، وقرى الأضياف، وفكّ الأسارى، وغيرها من المكارم، ليس لها أثر من أصلها؛ لعدم مقارنتها للإيمان، أو أبطل ما عملوه من الكيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والصدّ عن سبيله بنصر رسوله، وإظهار دينه على الدين كلّه، وهو الأوفق بقوله:{فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} وقوله: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
قال الضحاك: معنى {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}: أبطل كيدهم ومكرهم بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وجعل الدائرة عليهم، وقال أبو حيان:{أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: أتلفها حيث لم ينشأ عنها خير ولا نفع، بل ضرر محض. وفي "البيضاوي": معنى {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}: جعلها ضالة؛ أي: ضائعة محبطة بالكفر، أو مغلوبة مغمورة فيه، كما يضل الماء في اللبن، أو جعلها ضلالًا، حيث لم يقصدوا بها وجه الله. انتهى.