١ - الإنابة إليه بقوله:{وَأَنِيبُوا} يا عبادي وارجعوا {إِلَى رَبِّكُمْ} سبحانه، بالتوبة من المعاصي {وَأَسْلِمُوا}؛ أي: أخلصوا العمل {لَهُ}؛ أي: لوجهه طلبًا لمرضاته، فإن السالم بمعنى الخالص، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} في الدنيا والآخرة {ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}؛ أي: لا تمنعون من عذاب الله إن لم تتوبوا قبل نزوله، والظاهر من آخر الآية: أن الخطاب للكفار، فالمعنى: فارجعوا أيها الناس من الشرك إلى الإيمان، وأخلصوا له تعالى التوحيد.
وفي "الأسئلة المقحمة": الفرق بين التوبة والإنابة: أن التائب يرجع إلى الله تعالى خوفًا من العقوبة، والمنيب يرجع حياءً منه، وشوقًا إليه، قال إبراهيم بن أدهم - رحمه الله -: إذا صدق العبد في توبته .. صار منيبًا؛ لأن الإنابة ثاني في درجة التوبة.
وفي "التأويلات النجمية": التوبة لأهل البداية، وهي الرجوع من المعصية إلى الطاعة، والأوبة للمتوسط، وهي الرجوع من الدنيا إلى الآخرة، والإنابة لأهل النهاية، وهي الرجوع مما سوى الله إلى الله، بالفناء في الله تعالى، وقال الجنيد رحمه الله: معنى أنيبوا إلى الله: انقطعوا عن الكل بالكلية، فما يرجع إلينا بالحقيقة أحد، ولا للغير عليه أثر، وللأكوان على سره خطر، ومن كان لنا كان حرًا مما سوانا. اهـ.
والظاهر: أن الله سبحانه جمع لعباده بين التبشير العظيم، والأمر بالإنابة إليه، والإخلاص له، والاستسلام لأمره والخضوع لحكمه.
والمعنى (١): أيها الناس، أنيبوا إلى ربكم بالتوبة، وارجعوا إليه بالطاعة، واستجيبوا إلى ما دعاكم إليه من توحيده، وافراده بالألوهية، قبل أن يأتيكم العذاب، ثم لا تجدوا نصيرًا ولا معينًا من عذابه النازل بكم.