للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْفاتِحِينَ}؛ أي: خير الحاكمين لإحاطة علمك بما يقع به التخاصم، وتنزهك عن ابتاع الظلم واتباع الهوى في الحكم.

٩٠ - {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}؛ أي: وقال جماعة من أشراف قوم شعيب ممن كفر به لآخرين منهم؛ أي: قال الرؤساء من قومه للسفلة {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا} في دينه {إِنَّكُمْ إِذًا} في حال اتبعتموه فيما يقول {لَخاسِرُونَ}؛ أي: لمغبونون في الدين وفي الدنيا؛ لأنّه يمنعكم من أخذ الزيادة من أموال الناس.

والمعنى: وقال الكافرون من قوم شعيب - وهم الملأ الذين جحدوا آيات الله، وكذبوا رسوله، وتمادوا في غيهم - لآخرين منهم: والله لئن اتبعتم شعيبا فيما يقول، وأجبتموه إلى ما يدعوكم إليه من توحيد الله، وأقررتم بنبوته ..

إنّكم إذا لخاسرون في فعلكم وترككم ملتكم التي أنتم عليها، وعمموا الخسران ليشمل خسران الشرف والمجد، إذ بإيثاركم ملته على ملة آبائكم وأجدادكم، تعترفون بأنّهم كانوا ضالين ومعذبين عند الله، وخسران الثروة والربح بما تحترفونه من تطفيف الكيل والميزان، وبخس الغرباء أشياءهم.

ووصف الملأ أولا بالاستكبار؛ لأنّه هو الذي جرّأهم على تهديده، وإنذاره بالإخراج من القرية، وإشعاره بأنّهم أرباب السلطان فيها، وثانيا بالكفر؛ لأنّه هو الحامل على الإغواء وصدهم عن الإيمان، والأخذ بما جاء به، ثم عللوا لهم صدهم بأنّ في ذلك لهم مصلحة أيما مصلحة، وفائدة أيما فائدة.

والخلاصة: أنه تعالى وصفهم أولا بالضلال، ثم وصفهم ثانيا بالإغواء والإضلال.

٩١ - ثم ذكر عاقبة أمرهم وما أصابهم من نكال فقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}؛ أي: الزلزلة الشديدة المهلكة {فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ}؛ أي: فصاروا في مساكنهم {جاثِمِينَ}؛ أي: منكبين على وجوههم ميّتين. وقد بين سبحانه في سورة الشعراء أنّ الله أرسل شعيبا إلى أصحاب الأيكة - وهم إخوة مدين في النسب -. أخرج ابن عساكر، عن ابن عباس في قوله: {كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر ومدين، وفي ذلك دليل على أن الله أرسله