ما يقع فهو مشتمل عليها، وفي هذا إيماء إلى عدم الأمن من مكر الله سبحانه {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ}. {عَلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى لا على غيره {تَوَكَّلْنا}؛ أي: اعتمدنا، وفي أن يثبتنا على ما نحن عليه من الإيمان، ويحول بيننا وبين الكفر وأهله، ويتم علينا نعمته ويعصمنا من نقمته، وإليه استندنا في أمورنا كلها، فإنّه الكافي لمن توكل عليه؛ أي: إلى الله وحده وكلنا أمورنا، مع قيامنا بكل ما أوجبه علينا من الحفاظ على شرعه ودينه، فهو الذي يكفينا تهديدكم، وما ليس في استطاعتنا من جهادكم {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. إذ من شروط التوكل الصحيح القيام بالأحكام الشرعية، ومراعاة السنن الكونية، والاجتماعية، فمن يترك العمل بالأسباب .. فهو الجاهل المغرور، لا المتوكل المأجور.
كيف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم لمن سأله: أيترك ناقته سائبة ويتوكل على الله؟ «إعقلها وتوكل». رواه الترمذي، وقال تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلّم، بعد أن أمره بمشورة أصحابه في غزوة أحد:{فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}؛ وإنما يكون العزم بعد الأخذ في الأسباب، فقد لبس من يومئذ در عين، وأعد العدة لقتال أعدائه، ورتب الجيوش بحسب القوانين المعروفة في ذلك العصر.
وخلاصة رد شعيب على الملأ من قومه: أنّه عجب من تهديدهم وإنذارهم، وأقام الأدلة على امتناع عودهم إلى ملة الكفر باختيارهم، وعدم استطاعة أحد إجبارهم عليه، غير الله الفعال لما يريد، ثمّ ثنى بذكر توكله على الله الذي يكفي من توكل عليه ما أهمه، مما هو فوق كسبه واختياره، ثمّ ثلث بالدعاء الذي لا يكون مرجو الإجابة إلا بعد القيام بعمل ما في الطاقة من الأعمال الكسبية مع التوكل على الله فقال:{رَبَّنَا افْتَحْ} واحكم وافصل واقض {بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ}؛ أي: بالعدل الذي لا جور فيه، ولا ظلم ولا حيف، الذي مضت به سنتك في التنازع بين المرسلين والكافرين، وبين المحقين والمبطلين. وكرر الظرف في قوله:{بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا} بخلاف قوله: {حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا} زيادة في تأكيد تميزه ومن معه من قومه ا. هـ. «سمين»{وَأَنْتَ}: يا ربنا {خَيْرُ