٣ - تكريم المسلم نفسه لدى نفسه وأهله وقومه الذين يعيشون معهم، إذ من كان نظيف البدن والثياب .. كان جديرًا بحضور كل مجتمع، ولقاء أشراف الناس وفضلائهم، ومن كان وسخًا قذرًا فإنَّه يكون محتقرًا عند كرام الناس ولا يعدونه أهلًا لأن يحضر مجالسهم، ويشعر في نفسه الضعة والهوان.
ولأجل هذا ورد الأمر بالغسل والطيب ولبس الثياب النظيفة يوم الجمعة، لأنّه يوم يجتمع فيه الناس في المساجد لعبادة الله تعالى. روى مالك والشافعي وأحمد والبخارى ومسلم من طرق عدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"غسل الجمعة واجب على كل محتلم"، أي: بالغ ومكلف.
٧ - وبعد أن بين سبحانه وتعالى هذه الأحكام، وذكر رفع الحرج الذي تم به الإنعام، ذكرنا بنعمه التي أنعم بها علينا فقال:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} التي هي نعمة الإِسلام؛ أي: وتذكروا أيها المؤمنون إذ كنتم كفارًا متباغضين، فأصبحتم بهداية الدين إخوانًا متحابين. وقيل المعنى؛ أي: تأملوا في جنس نعمة الله تعالى عليكم، وهو إعطاء نعمة الحياة والصحة والعقل والهداية والصون عن الآفات، والإيصال إلى جميع الخيرات في الدنيا والآخرة، فجنس نعمة الله جنس لا يقدر عليه غير الله، فمتى كانت النعمة على هذا الوجه .. كان وجوب الاشتغال بشكرها أتم {وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}؛ أي: وتذكروا العهد الذي عاهدكم به على لسان رسوله حين بايعتم رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في المنشط والمكره، المحبوب والمكروه والعسر واليسر، حين قلتم له: سمعنا ما أمرتنا به ونهيتنا عنه، وأطعناك فيه، فلا نعصيك في معروف، وكل ما جئتنا به فهو معروف.
مثل مبايعته - صلى الله عليه وسلم - مع الأنصار في أول الأمر ليلة العقبة، ومبايعته - صلى الله عليه وسلم - عامة المؤمنين بيعة الرضوان تحت الشجرة في الحديبية وغيرهما.
وكل نبي بعث في قوم أخذ عليهم ميثاق الله بالسمع والطاعة، وقبول الدعوة والدخول في الدين، يعد قبولًا لهذا العهد، فعلينا أن نعد هذا التذكير خطابًا لنا، كما عده السلف من الصحابة خطابًا لهم {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أيها المؤمنون في نسيان