للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي جعلها الله شرطًا للدخول في الصلاة، ومقدمة لها، تطهر البدن وتنشطه، فيسهل بذلك العمل من عبادة وغيرها، فما أجل نعم الله على عباده! وما أجدر من هدى بهداه بدوام الشكر عليه! ومن ثم ختم الآية الكريمة بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أو المعنى {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} ببيان كيفية الطهارة، وهي نعمة الدين بعد ذكر نعمة الدنيا، وهي إباحة الطيبات من المطاعم والمناكح، أو بالترخيص في التيمم والتخفيف في حال السفر والمرض، فتستدلوا بذلك على أنَّه تعالى يخفف عنكم يوم القيامة، بأن يعفو عن ذنوبكم ويتجاوز عن سيئاتكم {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}؛ أي: وعدكم ذلك لكي تديموا شكره على نعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية.

فصل في ذكر الحكمة في شرع الوضوء والغسل

للوضوء والغسل فوائد أهمها (١):

١ - أن غسل البدن كله وغسل الأطراف يفيد صاحبه نشاطًا وهمة، ويزيل ما يعرص للجسد من الفتور والاسترخاء بسبب الحدث، أو بغيره من الأعمال التي تؤثر تأثيره، وبذا يقيم الصلاة على وجهها، ويعطيها حقها من الخشوع؛ ومراقبة الله تعالى، إذ المشاهد أنَّه إذا بلغ الإنسان من هذه اللذة الجسيمة غايتها، بالوقاع أو الإنزال، حصل تهيج عصبي كبير، يعقبه فتور شديد، بحسب سنة رد الفعل، ولا يعيد نشاطه إلا غسل البدن كله.

٢ - أن النظافة ركن الصحة البدنية، فإن الوسخ والأقذار مجلبة الأمراض والأدواء الكثيرة، ومن ثم ترى الأطباء يشددون في أيام الأوبئة والأمراض المعدية في المبالغة في النظافة، وجدير بالمسلمين أن يكونوا أصح الناس أجسادًا؛ وأقلهم أمراضًا؛ لأنَّ دينهم مبني على المبالغة في نظافة الأبدان والثياب والأمكنة، فإذا هم فعلوا ما أوجبه الدين تنتفي الأسباب التي تولد جراثيم - أصول - الأمراض عند الناس.


(١) المراغي.