والمعنى: أي (١) وأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، فضرب فانفلق، فكان كل قطعة من الماء كالجبل العالي، وصار فيه اثنا عشر طريقًا، لكل سبط منهم طريق، وصار فيه طاقات ينظر منها بعضهم إلى بعض، وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته، فصار يبسًا كوجه الأرض، كما قال في آية أخرى:{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى}. {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤)}؛ أي: وقربنا فرعون وجنوده من البحر، وأدنيناهم منه.
٦٥ - وقوله: {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥)} قبله محذوف تقديره: ودخل موسى وبنو إسرائيل البحر، وأنجيناهم ومن اتبعهم على دينهم كلهم أجمعين، فلم يهلك منهم أحد؛ أي: أنجيناهم من الغرق بحفظ البحر على تلك الهيئة إلى أن عبروا إلى البر
٦٦ - {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦)}؛ أي: فرعون وقومه بإطباق البحر عليهم، ولم نبق منهم أحدًا.
والخلاصة: أنه لما خرج أصحاب موسى، وتتام أصحاب فرعون .. انطبق عليهم البحر، فأغرقهم جميعًا.
٦٧ - {إِنَّ فِي ذَلِكَ}؛ أي: إن في جميع ما فصل من قصة موسى وفرعون خصوصًا في الإنجاء والغرق {لَآيَةً}؛ أي: لعبرة عظيمة للمعتبرين، وسطوة باهرة من أدل العلامات على قدرة الله سبحانه، وعظيم سلطانه؛ أي: إن في الذي حدث في البحر لعبرة دالة على قدرته تعالى، وعلى صدق موسى عليه السلام من حيث كونه معجزة له، وتحذيرًا من الإقدام على مخالفة أمر الله، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بين أنهم لم تجدهم الآيات والنذر شيئًا، فقال:{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ}؛ أي: أكثر المصريين وهم قوم فرعون؛ أي: ما كان أكثر هؤلاء الذين مع فرعون {مُؤْمِنِينَ} فإنه لم يؤمن منهم فيما بعد إلا القليل كحزقيل وابنته وآسية امرأة فرعون والعجوز التي دلت على قبر يوسف عليه السلام حين الخروج من مصر، واسمها مريم بنت ناموشا, وليس المراد أكثر من كان مع فرعون عند لحاقه بموسى، فإنهم هلكوا