للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ازدادوا بعدًا عن الإيمان، وازدادوا كفرًا بالله تمردًا وعنادًا؛ لأنه قد طبع على قلوبهم فهم لا يفقهون كما قال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} وقال أيضًا: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيمانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيمانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥)}.

وفي الآية (١): إيماء إلى أنّ ما بالمؤمنين من الشبه والشكوك المعترية لهم في أثناء الاهتداء والاسترشاد بمنزلة الأمراض، وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك.

٨٣ - ثمّ نبه سبحانه وتعالى على قبح بعض ما جبل عليه الإنسان من الطبائع المذمومة، فقال: {وَإِذا أَنْعَمْنا}؛ أي: أحسنا وأفضنا {عَلَى الْإِنْسانِ}؛ أي: على هذا الجنس بالنّعم التي توجب الشكر كالمال والعافية، والفتح والنصر، وفعل ما يريد {أَعْرَضَ} عن شكرنا عليها، وعن طاعتنا، وعبادتنا، أو اغتر بها غافلًا عن شكرنا، وطاعتنا {وَنَأى}؛ أي: تباعد عن أمرنا لاويا {بِجانِبِهِ} وعطفه عن اتباعه مستكبرًا عن قبول الحق، معجبا بنفسه، معاديا لأهل الحق غير مقتد بهم، تعظما لنفسه كديدن المستكبرين من أهل الدنيا، وعبارة «الخازن» هنا؛ أي: تباعد عنا بنفسه، وترك التّقرّب إلينا بالدعاء، وقيل: معناه تكبر وتعظّم، انتهت. وهو (٢) تأكيد للإعراض؛ لأن الإعراض عن الشيء هو أن يوليه عرض وجهه؛ أي: ناحيته، والنأي بالجانب: أن يلوي عنه عطفه، ويولّيه ظهره، ولا يبعد أن يراد بالإعراض هنا: الإعراض عن الدعاء والابتهال الذي كان يفعله عند نزول البلوى والمحنة به، ويُراد بالنأي بجانبه: التكبر والبعد بنفسه عن القيام بحقوق النعم.


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.