للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَإِنَّهُمْ}؛ أي: وإن هؤلاء المشركين {لَكَاذِبُونَ} فيما ينسبونه إلى الله سبحانه من الولد والشريك، وفي إنكار البعث. والمعنى؛ أي (١): ليس الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون من قولهم: إن هذا إلا أساطير الأولين، بل جئناهم فيه بالدين الحق الذي فيه سعادة البشر، وإنهم لكاذبون في إنكار ذلك، لا أن عقولهم قد سحرت بخداع الآباء، وتكرار القول، وحكم العادة، وهي طبيعة ثانية.

وقد بيّن (٢) أنهم أصروا على جحودهم، وأقاموا على عتوهم ونبوهم بعد أن أزيحت العلل، فلات حين عذر، وليس المساهلة موجب بقاء، وقد انتقم الله منهم، فإنه يمهل ولا يهمل. قال سقراط أهل الدنيا كسطور في صحيفة، كلما نشر بعضها طوي بعضها. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - الدنيا جمعة من جمع الآخرة، سبعة آلاف سنة، فقد مضى ستة آلاف سنة، ولياتين عليها مئون من سنين ليس عليها موحدون يعني عند آخر الزمان، فكل من السعيد والشقي، لا يبقى على وجه الأرض، فيموت ثم يبعث فيجازى.

٩١ - ثم نفى سبحانه عن نفسه شيئين:

١ - {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} كما يقول النصارى، والقائلون إن الملائكة بنات الله؛ لأنه لم يجانس أحدًا، ولم يماثله أحد حتى يكون له من جنسه وشبهه صاحبة، فيتوالدا، وأيضًا إن الولد إنما يتخذ للحاجة إلى النصير والمعين، والله غني عن كل شيء.

٢ - {وَمَا كَانَ مَعَهُ} تعالى {مِنْ إِلَهٍ} يشاركه في الأولوهية، لا قبل خلق العالم، ولا حين خلقه له، ولا بعد خلقه، كما يقول عبدة الأصنام وغيرهم. و (من) في الموضعين زائدة لتأكيد النفي.

ثم ذكر دليلين على بطلان تعدد الآلهة، فقال:

١ - {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} وإذا في أصلها حرف جواب وجزاء، وهنا


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.