لوجوب الحج، ويستحب له أن يفعل ذلك ويلزمه الحج عند مالك.
هذا كله في الزمن القديم، وأما الآن فالشرط القدرة على تحصيل جواز السفر، وعلى أجرة الطائرة، أو الباخرة، أو السيارة مع مؤونة سفره مطعمًا ومشربًا وملبسًا ومسكنًا، ذهابًا وإيابًا، والقدرة على ما تطلب منه الحكومة التي يسافر منها، والتي يسافر إليها فاضلًا عن مؤونة من تلزمه نفقتهم ذهابًا، وإيابًا، وعن دين حالٍّ أو مؤجل يحل أجله قبل رجوعه من الحج.
وأما المستطيع بغيره: فهو أن يكون الرجل عاجزًا بنفسه، بأن يكون زَمِنًا، أو به مرض لا يرجى برؤه، وله مال يمكنه أن يستأجر به من يحج عنه، وإن لم يكن له مال، وبذل ولده أو أجنبي الطاعة في أن يحج عنه .. لزمه الحج، إن كان يعتمد على صدقه؛ لأن وجوب الحج متعلق بالاستطاعة.
وعند أبي حنيفة: لا يجب الحج ببذل الطاعة، وعند مالك: لا يجب الحج على من غصب ماله أو سرق. وحُجَّةُ من أوجب الحج ببذل الطاعة ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال:"نعم" وذلك في حجة الوداع. أخرجه الشيخان في "الصحيحين".
وقرأ حمزة والكسائي وحفص {حِجُّ} بكسر الحاء، والباقون بفتحها، وهما لغتان: الكسر لغة نجد، والفتح لغة أهل العالية، ثم أخذ يبكت أهل الكتاب على كفرهم فقال:
٩٨ - {قُلْ} يا محمد لليهود والنصارى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}؛ أي: لأي سبب تنكرون آيات الله التي دلتكم على صدق نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيما يدعيه من وجوب الحج وغيره، {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}؛ أي: والحال أن الله شهيد مطلع على أعمالكم فيجازيكم عليها، وهذه الحال توجب أن لا تجترئوا على الكفر بآياته، ولا ينفعكم التحريف والاستسرار. ولا يخفى ما في هذا من