للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن المنذر: واختلف العلماء في قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فقالت طائفة: الآية على العموم، إذ لا نعلم خبرًا ثابتًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا إجماعًا لأهل العلم يوجب أن نستثني من ظاهر الآية بعضًا. فعلى كل مستطيع للحج يجد إليه السبيل - بأي كانت الاستطاعة - الحج على ظاهر الآية.

قال ابن المنذر: وروينا عن عكرمة أنه قال: الاستطاعة: الصحة. وقال: الضحاك: إذا كان شابًّا صحيحًا .. فليؤجر نفسه بأكله وعقبه حتى يقضي نسكه".

وقال مالك: الاستطاعة تختلف باختلاف الناس، الرجل يجد الزاد والراحلة، ولا يقدر على المشي، وآخر يقدر على المشي على رجليه.

وقال الشافعي: الاستطاعة وجهان:

أحدهما: أن يكون الرجل مستطيعًا ببدنه، واجدًا في ماله ما يبلغه الحج، فتكون استطاعته تامة، فعليه فرض الحج.

والثاني: لا يقدر أن يثبت على الراحلة، وهو قادر على من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه، أو قادر على مال، ويجد من يستأجره فيحج عنه، فيكون هذا ممن لزمه فرض الحج.

أما حكم الزاد والراحلة: فهو أن يجد راحلة تصلح له، ووجد من الزاد ما يكفيه لذهابه ورجوعه، فاضلًا عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقتهم وكسوتهم، وعن دَيْنٍ إن كان عليه، ووجد رفقة يخرجون في وقت جرت العادة بخروج أهل البلد في ذلك الوقت، فإن خرجوا قبله، أو أخروا الخروج إلى وقت لا يصلون إلا بقطع أكثر من مرحلة في يوم لا يلزمه الخروج معهم، ويشترط أن يكون الطريق آمنًا، فإن كان فيه خوف من عدو مسلم، أو كافر، أو رصدي يطلب الخفارة لا يلزمه الحج. ويشترط أن تكون منازل الماء مأهولة معسورة يجد فيها ما جرت به العادة بوجوده من الماء والزاد، فإن تفرق أهلها لجدب، أو غارت مياهها، فلا يلزمه الخروج. ولو لم يجد الراحلة وهو قادر على المشي، أو لم يجد الزاد وهو قادر على الاكتساب لا يلزمه الحج عند من جعل وجدان الزاد والراحلة شرطًا