وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب، والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب والفضة، وليس لحجة مبرورة ثواب إلا الجنة، وما من مؤمن يظل يومه محرمًا إلا غابت الشمس بذنوبه". أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله، من حجر، أو شجر، أو مدر، حتى تنقطع الأرض من ها هنا وههنا". أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من طاف بالبيت خمسين مرةً خرج من ذنوبه، كيوم ولدته أمه". أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.
فصل في ذكر بعض أحكام تتعلق بالحج
قال العلماء: الحج واجب على كل مسلم، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، ولوجوبه خمس شرائط: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة. ولا يجب على الكافر والمجنون ولو حجا .. لم يصح حجهما؛ لأن الكافر ليس من أهل العبادة، ولا حكم لقول المجنون، ولا يجب على الصبي والعبد، ولو حج صبي مميزٌ، أو حج عبد صح حجهما تطوعًا، ولا يسقط فرض الإسلام. فإذا بلغ الصبي وعتق العبد، واجتمع فيهما شرائط الحج .. وجب عليهما أن يحجا ثانيًا، ولا يجب على غير المستطيع؛ لقوله تعالى:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، فلو تكلف غير المستطيع الحج، وحج: صح حجه، وسقطت عنه حجة الإسلام.
والاستطاعة نوعان: أحدهما: أن يكون مستطيعًا بنفسه. والآخر: أن يكون مستطيعًا بغيره.
فأما المستطيع بنفسه: فهو أن يكون قويًّا، قادرًا على الذهاب؛ واجدًا للزاد والراحلة، لما تقدم من حديث ابن عمر في الزاد والراحلة.